يعد الثقل السياسي الذي تتمتع به المملكة على مستوى العالم محوراً مهماً جعلها في مواجهة الملفات الساخنة على الصعيد العربي والإسلامي, وبذلك تحتل مرتبة متميزة وذي تأثير قوي في الاحداث الإقليمية والدولية نظراً لدورها البارز في إحلال السلام ومحاربة الإرهاب وكذلك سياستها الرزينة في التعامل مع القضايا العربية والدولية. ورغم مكانتها القوية سياسياً واقتصادياً ودينياً كذلك إلا أن المملكة طوعت هذه القوة في خدمة الإسلام والسلام وجعلت مصالح هذا العنصرين من أولوياتها مما جعلها محط أنظار العالم, والدليل على ذلك منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – تقاطرت وفود رؤساء دول العالم وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية والعديد من الدول العالمية والإسلامية والعربية, و المملكة المتميزة في علاقاتها, المتميزة في مكانتها السياسية الممنهجة والحيادية جعلت من كلمتها مسموعة وذات تأثير عالمي. واستراتيجية المملكة العربية السعودية المبنية على الشريعة الإسلامية وحكمة قيادتها ودعمها لكافة الملفات العربية والإسلامية التي ضمنت فعالية دورها السياسي والاقتصادي والديني بشكل إيجابي, ومن أبرز الملفات التي اولتها أهمية الملف الفلسطيني والسوري وآخرها اليمني رغم انتقاد بعض الدول "الأعداء" على قرار "عاصفة الحزم" التي وجدت قبولاً عربياً وإسلامياً وعالمياً وتأييداً من مجلس الأمن, في دليل واضح أن المملكة تمثل قوة في الشرق الأوسط وأن هدفها من القرار سلمي وشرعي ويتمثل في إعادة الشرعية للشعب اليمني وحمايته من المتمردين الحوثيين, وجاء قرار الأمل مرة أخرى إلى اليمن من خلال قرار "إعادة الأمل" لتثبت مرة أخرى المملكة وقوفها جانب الشعب اليمني الشقيق. وأكد مختصون ل "الرياض" أن المملكة لها مركزها السياسي عربياً وعالمياً وهي مركز صنع القرار الحكيم, والمواقف العربية تشهد على أدوار المملكة ووقوفها في صف كل دولة يحلق بها أي ضرراً كان, ودورها في القضية الفلسطينية والسورية والعراقية واليمنية وكذلك ليبيا بارزاً وتسعى إلى إعادة الاستقرار والأمن في المحيط العربي, مشيرين إلى أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال فترة وجيزة إعادة هيبة الدول العربية في العالم بوقوفه المنصف والعادل مع الشعب اليمني. القوة في شتى المجالات وقال د. محمد العلي - أستاذ بجامعة الملك فيصل بالأحساء - لقد فاجأت المملكة بسياستها الهادئة والرزينة, فاجأت العالم بسياستها المتفقة مع المواثيق الدولية ولقد استطاعت ان تثبت انها قوية في شتى المجالات, مشيراً إلى أن قوة المملكة العسكرية برزت في عاصفة الحزم التي اخرست المتقولين والمتشككين فيها فكانت العاصفة ابلغ رد على أولئك حتى نحن ابناء المملكة انبهرنا من هذه القوة الضاربة. وأضاف د. العلي: وعلى المستوى السياسي والدبلوماسي قد ابهرت المملكة اصدقاءها قبل اعدائها بمستوى العمل الدبلوماسي وظهر ذلك في صدور قرار مجلس اﻻمن الذي يعد نصراً لسياسات المملكة وتأييد تلك السياسات, ورادف بقوله: "واما على مستوى ردع المتمردين فأظن ان الحوثيين وعفاش لن يكرروا اللعب مع المملكة ﻻنهم تلقوا درساً بالغاً في اﻻلتزام بماتقرره المملكة" . وبين د. العلي أن المملكة تمتلك قوى كثيرة فاذا كانت قيادة مثل قيادة سلمان فسوف تظهر قوتنا الحقيقية للعالم اجمع, مشيراً إلى أنها – المملكة – قادة الصف العربي إلى الوحدة خلال الفترة الماضية, من حيث وحدة الصف والقرار لتضع حداً لمن يحاول المساس بأي دولة عربية أو إسلامية. سياسة الوعي وقال د. محمد بن ناصر الغامدي - أستاذ في جامعة الدمام - أن قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أثبتت أنها تعلم متى تبدأ وكانت البداية "عاصفة الحزم"، ومتى وكيف توقف عملياتها وكان قرار "إعادة الأمل" ويلحظ المراقب تحرير الموقف السياسي العسكري من فحوى الخطابات الرسمية فيجد أن إمكان تعقب بؤر إفساد اليمن التي طالما عاثت فيه تخريباً, مشيراً إلى أنه من جهة أخرى نجد الخطوط الموازية دبلوماسياً وإغاثياً إنسانياً ﻷننا دولة تحترم نفسها وجوارها، وتغيث بلداً شقيقاً ملهوفاً، وتداوي الجراح وﻻ تريد لمركب اليمن السعيد إﻻ أن يرسو على شاطئ الاستقرار والتنمية. وأضاف د. الغامدي: أجزم أن لدى قيادة المملكة العربية السعودية حزمة من الخيارات ممنهجة مؤقتة بأوقاتها تتجاوز -إن شاء الله- طموح العودة باليمن ﻷفضل أوقاته إلى الرقي النوعي بهذا البلد الشقيق والجار الذي نكب بتآمر شراذم من داخله، وتسلط من قوى الشر الإقليمية. وبين إن قدر المملكة العربية السعودية ومسؤوليتها أن تكون قائدة العالم الإسلامي وموضع القلب والعقل منه تماماً كما هي قبلة الصلاح، منسك الحج، وموطن الحرمين، ومأرز الدين، وحاملة لواء السنة والتوحيد، وملهمة تجارب التنمية المتوازنة, مشيراً إلى إن بلدنا العظيم وقيادته ليست بحاجة لإشادة مادح وﻻ يضرها حقد قادح، لكنه حق ينبغي أن يقال، وتوصيف موضوعي يحسن أن يبرزه الإعلام. فإننا نعيش في سنين خداعة كثر فيها المهرولون للتصدر في الدين والسياسة والعسكرية، وزخرفوا القول الذي يرفضه الواقع وترده البصيرة السليمة ولما كان موقف المملكة بهذا النقاء، صبرت صبر الأقوياء حلماً، فلما طال الأمد وقست قلوب المجرمين بسبب حلم وعفو ورجاء الأقوى والأسمى بادرت للحزم واشتملت بالعزم فخلاها في الخافقين ذم، وظهر التخطيط التم، والعمل التميز في النوع والكم وأمر آخر تحسن الإشارة إليه وهو التفاف المواطنين حول موقف قيادتها الأسلم، وإحاطتهم به إحاطة السوار بالمعصم. وهذا كان أحد الأسباب لسرعة تقبل القرار وتبنيه دولياً، فالقيادة الملتحم معها شعبها تفرض احتراما وقبولا دوليا دائما. الأمن القومي وقال د. سعد بن عبدالقادر القويعي - باحث في السياسة الشرعية - إن عرقلة, أو تقويض إنجاح المرحلة الانتقالية السياسية اليمنية على ضوء المبادرة الخليجية, وآليتها التنفيذية, أسهم بقدر كبير في تلقي صدمات كارثية, كادت أن تجهز على اليمن - كدولة ومجتمع -, قامت على تنفيذها مشاريع خارجية - إقليمية ودولية -, الأمر الذي جعل المملكة العربية السعودية تحذر المجتمع الدولي, في حال عدم الوصول إلى اتفاق حول الأحداث الجارية في المشهد اليمني, فسوف تتخذ دول المجلس الخليجي الإجراءات, التي تمكنها من الحفاظ على مصالحها الحيوية, وذلك بتعزيز أمن, واستقرار اليمن، ومساعدة الشعب اليمني الشقيق؛ للخروج من هذه الأحداث الخطرة, وبما يحافظ على أمن اليمن, واستقراره, ووحدته, وأمن, واستقرار المنطقة. وأضاف د. القويعي أن قراءة الحدث السياسي, وأبعاده المتعددة, تؤكد أن الحرب في اليمن ليست مذهبية, وإنما لها علاقة بالأمن القومي العربي, ومحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه في معادلة التوازنات الإسترتيجية بين دول منطقة الخليج العربي, والقوى الإقليمية الأخرى, ومواجهة ما يحصل في المشهد اليمني, بعد أن استنفذت السعودية, ومعها دول الخليج العربي الوصول إلى حلول سلمية مع الميليشيات الحوثية الإرهابية, ورأب الصدع اليمني, وإعادة السلام على أراضيه, والتي لم تصادف إلا جحوداً, وعدواناً, مشيراً إلى أن التاريخ لا يكرر حوادثه, بقدر ما يعيد التنويع على بعضها من زاوية المأساة, فإن العصابة الحوثية تمادت في طغيانها, واستكبارها, وعاثت في الأراضي اليمنية فساداً, وخراباً. وكان التهديد الإسترتيجي لدول الخليج العربي متنامياً, وغير مقبول على الإطلاق, حين أظهرت الأزمة اليمنية مظهراً آخر لاختراق النظام الإقليمي العربي؛ لتأتي عاصفة الحزم؛ من أجل إيقاف الزحف الحوثي, وإلجام تحركاته المشبوهة, التي استهدفت مع الأسف الشرعية, وعملت على تهديد أمن اليمن, والأمن القومي. وأشار د. القويعي إلى أنه لو أدرك الرئيس المخلوع دلالات تحرك السعودية, ومن معها من دول التحالف, والمجتمع الدولي، وسعى إلى تدارك مواقفه المخزية, وعدم بقائه في جبهة الرهان الخاسر, وأدرك جيداً أن إنجاح التسوية السياسية الراهنة, هي المخرج الآمن للبلاد, ولجميع الأطراف؛ للخروج من هذه الحالة, فإن النتيجة الحتمية ستؤكد على أن الحلول الآمنة, كانت ستجد نفعاً على أرض الواقع؛ ولقطعت الطريق أمام بعض القوى الإقليمية, والدولية, التي حاولت الاستفادة مما يجري في الساحة اليمنية. السيناريو الواجب تقديمه لليمن -حالياً-, هو إنقاذه من السقوط في الهاوية, والعمل على ضرورة تثبيت الشرعية, والوقوف بحزم أمام أي أجندة تريد أن تعبث بأمن المنطقة, وتحولها إلى بؤرة توتر, وانفلات أمني على الإقليم, بل وعلى السلم الدولي, وذاك حق مشروع, وخيار إستراتيجي مطلوب, سيغير من طبيعة تحالفات دولية على حساب جهات إقليمية, عندما تنقلب - بإذن الله - كل المشاريع المشبوهة في المنطقة . د. ناصر الغامدي د. سعد القويعي