لا شك أن تعريف العلامة التجارية بشكل عام، لا يخرج عن كونها تلك الكلمات أو الأسماء أو الحروف التي تتخذ شكلا مميزا، أو الامضاءات أو الأرقام أو الرسوم أو الرموز أو الأختام أو النقوش البارزة، أو أي إشارة أخرى، أو أي مجموع منها تكون قابلة للإدراك بالنظر، وصالحة لتمييز منتجات صناعية أو تجارية أو حرفية أو زراعية، أو مشروع استغلال للغابات أو ثروة طبيعية، أو للدلالة على أن الشيء المراد وضع العلامة عليه يعود لمالك العلامة بداعي صنعه أو انتقائه أو اختراعه أو الاتجار به، أو للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات. وتسجيل العلامة التجارية يكفل لصاحبها حماية حقوق الملكية، ويضمن حق الاستئثار في الانتفاع بالعلامة التجارية، أو التصريح لشخص أو جهة أخرى بالانتفاع بها مقابل عائد مادي معيّن، وتتفاوت مدة هذه الحماية بحسب طبيعة ونوع ونطاق التسجيل المطلوب لحماية العلامة التجارية، ويمكن تمديد النطاق الجغرافي والزمني لحماية العلامة التجارية من خلال تسجيلها في الدول المعنية مقابل دفع رسوم إضافية تمنح مالك هذه العلامة الحق في الحماية ومنع التعدي على حقوق ملكية العلامة التجارية دوليا. ونظام العلامات التجارية السعودي تضمن معاقبة كل من يتعدى على العلامة التجارية المملوكة للغير سواء من تقليد أو تزوير أو استخدام بدون موافقة صاحبها حيث نصت المادة الثالثة والاربعون على أنه: مع عدم الاخلال بأي عقوبة أشد، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل على خمسين ألف ريال ولا تزيد على مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين: كل من زور علامة مسجلة أو قلدها بطريقة تتسبب في تضليل الجمهور، وكل من استعمل بسوء القصد علامة مزورة أو مقلدة، وكل من وضع بسوء القصد على منتجاته أو استعمل فيما يتعلق بخدماته علامة مملوكة لغيره، وكل من عرض أو طرح للبيع أو باع أو حاز بقصد البيع منتجات عليها علامة مزورة أو مقلدة أو موضوعة أو مستعملة بغير وجه حق مع علمه بذلك، وكذلك كل من عرض خدمات في ظل مثل هذه العلامة مع علمه بذلك. ونعتقد أن هذه المادة وإن كانت قد تضمنت حماية العلامة التجارية من الاعتداء عليها ومعاقبة من يفعل ذلك، إلا أن إشكالية اشتراط ضرورة العلم بأن العلامة التجارية مملوكة للغير ومسجله باسمه، قد يصبح مخرجاً للمتعدي من الالتزام بالتعويض حتى وإن قضى عليه بالعقوبة المنصوص عليها نظاماً، لذا فإن العلم بكون العلامة مسجلة ومملوكة للغير يجب أن يكون علماً افتراضياً، لأن استخدام علامة مسجلة ومملوكه للغير يلحق الضرر بصاحب العلامة التجارية المقلدة أو المستخدمة دون إذنه، بمعنى أن ثبوت واقعة الغش والتعدي على العلامة التجارية يجب أن يكون كافياً للحكم بالعقوبة. ونخلص إلى أن حماية حقوق العلامات التجارية قد تواجه الكثير من التفسيرات المختلفة بحسب طبيعة العلامة التجارية المراد تسجيلها أو الاعتراض عليها، لكونها متشابهة أو متداخلة أو غير ذلك، مما يتطلب الكثير من الدقة والمرونة في إجراءات التسجيل وتطبيق النظام في نفس الوقت، لضمان توفير الحماية من التعدي على العلامات التجارية بتقليدها أو استغلاها بطريقة غير مشروعة، ويمنع من تفشي ظاهرة التقليد والغش التجاري والتقليل من آثارها السلبية على الاقتصاد الوطني، وبالجملة نعتقد أن وجوب العقوبة أو الحكم بالتعويض يفترض الا يتوقف على علم المعتدي من عدمه، لأن استخدام العلامة التجارية المسجلة يعتبر مخالفة يعاقب عليها النظام.