بالرغم من أن المعلومات بشأن الأشخاص الذين تم إنقاذهم في الليلة قبل الماضية بعد جنوح مركب محمل بالمهاجرين الأفارقة قرب السواحل الليبية تتحدث عن بعض العشرات، فإن هناك إجماعا لدى السلطات الليبية والمالطية ولدى المفوضية العليا للاجئين وبعض الشهادات التي أدلى بها الناجون على أن عدد الغرقى الذين قضوا في هذه الكارثة البحرية الجديدة التي تحصل في البحر الأبيض المتوسط يقارب سبع مئة شخص وأن المركب الذي جنح كان قد انطلق من ليبيا وعلى متنه مئات الراغبين في الهجرة إلى أوروبا من بينهم سودانيون وإرتريون وصوماليون. وأكد المتحدون باسم المفوضية العليا للاجئين أن مركبا يحمل مئات الأشخاص من تلك التي تسمى "قوارب الموت" طلب إسعافه في منتصف الليلة قبل الماضية. وبمجرد وصول الطلب إلى خفر السواحل الإيطالية، كلفت باخرة تجارية برتغالية كانت بقرب القارب بالاقتراب منه لمحاولة تقديم المساعدة. وعند اقتراب الباخرة من المركب حاول الركاب الاقتراب أكثر من طرف المركب الذي تقترب منه الباخرة فجنح المركب وحصلت المأساة. الملاحظ أن هذه الكارثة جدت بعد بضعة أيام فقط على حصول كارثة مماثلة قبالة السواحل الليبية وأدت إلى وفاة ما يزيد عن 4 مائة شخص. وقد أعلنت المفوضية الأوروبية أمس أنها ستعمل على تنظيم اجتماع عاجل لوزراء الخارجية والداخلية في دول الاتحاد الأوروبي بهدف إيجاد طريقة أفضل للتصدي للهجرة غير الشرعية والحد من ضحايا "قوارب الموت" في البحر المتوسط. وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قد أعرب بدوره قبيل إعلان الاتحاد الأوروبي بهذا الخصوص عن رغبته في أن يعقد مثل هذا الاجتماع، مؤكدا على ضرورة أن تعمد دول الاتحاد الأوروبي إلى بلورة خطة جديدة فيها مزيد من البواخر والطائرات لمراقبة مياه المتوسط ومزيد من الإجراءات لتضييق الخناق على الشبكات التي تتخذ من نقل المهاجرين غير الشرعيين من إفريقيا إلى أوروبا عبر المتوسط نشاطا مربحا. ووصف هولاند الأشخاص الذين يتعاطون هذا النشاط ب"الإرهابيين". ولكن غالبية التعليقات الصادرة عن منظمات المجتمع المدني الأوروبية بعد حصول هذه الكارثة الإنسانية الجديدة قبالة السواحل الليبية حملت بشدة على الطريقة التي تتعامل من خلالها دول الاتحاد الأوروبي مع مثل هذه الكوارث المتكررة واستثنت من انتقاداتها إيطاليا. وذكرت هذه المنظمات بأن إيطاليا كانت قد سارعت بعد جنوح احد مراكب الموت ووفاة أكثر من 360 من ركابه في الثالث من شهر أكتوبر عام 2013 إلى إنشاء قوة جوية وبحرية في إطار عملية سميت "بحرنا"، وكانت العملية ترمي إلى إنقاذ مزيد من غرقى هذه القوارب من جهة وإلى التصدي بقدر الإمكان للهجرة غير الشرعية عبر "قوارب الموت" من جهة أخرى.