الوتر الذي يعزف عليه هذه الأيام بعض من يتنكرون لهذا الوطن الذي دعمهم حتى اصبحوا شيئاً يذكر هو وتر الاستثمار خارج الوطن وفي دول مجاورة بحجة ان اجراءات التراخيص لدينا معقدة وطويلة وتستلزم الكثير من التعهدات والاقرارات والإثباتات التي إذا ما قورنت بسهولة الاجراءات في دول خليجية مجاورة فإنهم يعتبرونها سبباً لهجرة الأموال. هؤلاء مثلما تناسوا مرونة هذا الوطن في دعمهم وتشجيع استثماراتهم عند بداياتهم المتواضعة، نسوا أنهم أحد أهم اسباب تلك التعقيدات بل سببها الوحيد. «يعيرونك بالخليج» قل في تلك الدول لم يعمد التاجر إلى التستر لكي ينتفع وهو قاعد ويضر بوطنه، ولم يمارس رجال الأعمال التحايل على الدعم الحكومي والقروض، ولم يحدث أن أقاموا مشاريع وهمية ومؤسسات على الورق من أجل المتاجرة في تأشيرات العمالة. في تلك الدول كان وعي المواطن المستثمر وحبه لوطنه أكبر من أن يجعله يزور نسب توطين الوظائف أو يمارس «تطفيش» الموظف الوطني ليجهض كل جهود مكافحة البطالة. في تلك الدول لم يحاول أحد الالتفاف على الأنظمة السهلة الميسرة أو يتفنن في التحايل عليها وإلا فإنها سوف تتبدل تلقائياً من اليسر إلى العسر!! كلما زادت وتكررت الممارسات الخاطئة والتحايل على النظم والاجراءات الميسرة كلما أدى ذلك اجبارياً إلى وضع المزيد من القيود والتعقيدات وهذا ما مني به وطننا الغالي في مجال الاستثمار. كانت معظم السبل ميسرة إلى ان جاء من يستغل اليسر وطبيعي أن تجابه الاستغلال بالعسر. الذين يعيرون هذه البلاد بدول مجاورة بين الفينة والأخرى فيما يختص بيسر الاجراءات يتجاهلون انهم لو نقلوا أموالهم واستثماراتهم فإنهم سينقلون معها ممارساتهم وعندها سوف يصدمون بعقوبات وجزاءات لا ترحم. صحيح أن الوطن يفترض فيه ان يشكل وعي المواطن ويرتقي به إلى أعلى الدرجات لا أن يتأثر به في نظمه واجراءاته لكن زمن الطفرة كان أسرع من كل رياح التغيير والتوعية فقلب كثيراً من الموازين ومنها أن المواطن الجشع الانتهازي أساء إلى غيره وأرغم بحيله وتحايله وممارساته الأنانية النظم والاجراءات على أن تكون أكثر تعقيداً ثم ها هو اليوم يقارن بين ما آل إليه أمر وطنه بسببه وبين دول مجاورة لم تشهد من مواطنيها ذات الممارسات الخاطئة. يعيرونك بالخليج قل انقلوا أموالكم وأعمالكم ولن يفعلوا لأن البيئة لن تمكنهم من العيش بطريقتهم فلكل سمك ماؤه.