لا يقتصر تأثير مشاريع النقل العام التي تعد واجهة حضارية هامة لمتطلبات التنمية الحالية والمستقبلية، على حدود التنقل والنقل لمستخدميها، بل تتجاوز ذلك بشواهد أوروبية قديمة.. إلى الواقع الاستثماري بصفة عامة، سواء في خلق فرص عمل في هذه المشاريع، أو في المشاريع التي يؤسس لها النقل العام، مثل القطاع العقاري، والسياحي، والترفيهي، والتجزئة. عندما نتحدث عن الواقع العقاري الاستثماري في هذا الشأن – وهو ما يهمني هنا – فإن التأثير للنقل العام الذي بدأ في الرياض، وسيكون قريباً في جدة، ومكة والمنطقة الشرقية.. يمتد إلى إمكانية خلق ضواحي سكنية راقية ومميزة، حول المدن، وتحويل المساحات الكبيرة للأرضي التي تحيط في المدن الكبرى التي اُعتمد فيها النقل العام؛ إلى مواقع جذب استثماري، بدل من أن تكون عرضة للمضاربات التي لا تخدم الاقتصاد ولا حتى سوق الاستهلاك العقاري والاسكاني. في دولة مثل مصر – قد – لا تملك إمكانات استثمار وقدرات مالية مثل ما لدينا؛ نجحت عاصمتها في التوسع في الضواحي السكنية، بل وصل الوضع إلى سوق إسكاني تخصص في هذا النوع من الاستثمارات، ورفع مستوى التنافسية.. ويمكن أن تجد اليوم وحدة سكنية في أي من هذه الضواحي التي تضم كافة الخدمات والمرافق للحياة العصرية لسكان تلك الضواحي.. بأسعار منافسة جداً، بل اقل من مثيلتها في مواقع داخل القاهرة، مع تميز الخدمات وتنوع المرافق والمدارس ومواقع الترفيه في الضاحية. من هنا أتمنى أن تكون أحد توجهات الوزارة الجديدة في قطاع الإسكان، إعادة أحياء الضواحي السكنية التي بدأتها هيئة تطوير الرياض قبل عدة سنوات، ولم يكتب لها النجاح، لاعتبارات كثيرة لعل أبرزها، جوانب النقل والزحام الذي كان يمكن أن يخلقه تواجد الضواحي خارج النطاق العمراني. إن الشراكة المنتظرة التي بدأتها وزارة الإسكان أخيراً مع المطورين، يمكن أن تكون أحد عوامل الجذب الهامة، لتشجيع ملاك الأراضي الكبيرة لتحويلها إلى تجمعات سكنية، تضم كافة الخدمات.. ولا شك أن مثل هذا التوجه سيدفع الآخرين من (محتكري) الأراضي إلى استثمارها، وإلا فإنهم لن يجدوا من يشتريها أو حتى يسأل عنها، خاصة عندما تصل تنافسية الضواحي السكنية السوق إلى مرحلة الاكتفاء. الأهم من ذلك كله أن التوسع في تلك الضواحي السكنية للمواطنين يساعد على تشييد وحدات سكنية لائقة، بأسعار منافسة، وجودة عالية.. وذلك كله هو جل ما يحلم به المواطن. * الرئيس التنفيذي لشركة وثره للاستثمار والتطوير العقاري