لمعرض الكتاب الدور الثقافي الكبير في الرفع من المستوى الفكري للعقل البشري، وهو دور يزداد تألقاً حينما يجد تفاعلا من جنسي المجتمع، وكافة أطيافه المتعددة، وفئاته المختلفة، وهذا ما رآه قاطنو مدينة الرياض أمام أبصارهم، من حرص على الزيارة وما بعدها، ولذا كان من الرائع إقامة هذا المعرض سنويا، وهو وإن كان مداه 10 أيام إلا أن المدة كانت قصيرة، بدلائل كثيرة، من أهمها الزحام الشديد طيلة أيام المعرض، وهذا بدوره كاف جدا للنظر في مدة المعرض مستقبلا. وكما للمعرض دور ثقافي فهناك دوران لا ينفكان عنه، وهما الدور الأخلاقي والتربوي المكتسب من ذلك المعرض، لاسيما أن بالمعرض جناحاً للطفل يؤدي ذلك الدور الكبير بفاعلية كبيرة، وجهد متميز، ولا أظن أحداً قد زار جناح الطفل يخالفني في هذا الاعتراف، ولكن رأيت في زيارتي التربوية - بحكم عملي ودوري الأسري - لجناح الطفل أمراً استوقفني كثيرا، ورأيت به سلبيات كثيرة، حيث كانت إحدى الفضليات تُلبس الأطفال قفاز الضربات، كي يقوم بضرب إحدى العبارات الملصقة بكيس الضربات، والمكتوب عليه بعض العبارات المسببة للعنصرية لأطياف المجتمع، وتعمل على ترسيخ السخرية بتلك الأطياف في أذهان الأطفال، حتى وإن كان المجتمع مقرا لها، فالدور الأخلاقي والتربوي في ذلك لا يشجع على مثل ذلك العمل، بل إن الجناح في فعله هذا كأنه يعمل على إقرار تلك العبارات غير اللائقة تربويا وأخلاقيا، وعندما نبهت لذلك أفادت تلك الفاضلة بأن هذا نوع من تفريغ الشحنات لدى الأطفال، ولا اعتراض على تفريغ الشحنات، إنما الاعتراض على المسميات المكتوبة على الكيس، والتي لا أود أن أكتبها هنا؛ إذ كان من المناسب كتابة عبارات سلوكية على الملصقات، مثل : لا أحب الكذاب، لا أحب المنافق، لا أحب اللص، لا أحب الخائن، لا أحب المجرم، لا أحب المخالف، لا أحب البذيء، لا أحب السّباب، وغيرها من العبارات التي يجب أن نعمل على تنشئة جيلنا الصغير على نبذها ومحاربتها من السلوكيات غير المقبولة شرعا وأدبا وعرفا. وقبل أن أختم مقالي أقترح على وزارة الثقافة والإعلام جعل المعرض مستقلا بذاته عن جناح الطفل، فجناح الطفل بذاته معرض يستحق أن يكون مستقلا، وأن يفسح له المجال أكثر مما أُعطي، وهو قادر على استقلاليته، بما فيه من زخم معلوماتي كبير رأيناه في المعرض، واختفى بعضه عن المعرض، لامتلاء المعرض بالمواد المختلفة والمتعددة. وأخيرا أعود لأختم قولي بأن جناح الطفل كان رائعا جدا، ووجد قبولا وصدى إيجابيا في أذهان الأطفال قبل الكبار، ولكن عظيم ما استوقفني جعلني أكتب شاكرا الكثير الجميل، وناقدا الرديء القليل.