من المعروف أن اليابان خاضت حرباً شرسة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية في أربعينيات القرن الماضي. ورغم أن اليابانيين كانوا أول من بدأ الحرب ( من خلال هجومهم المشهور على ميناء بيرل هاربر) إلا أنه بحلول يوليو 1945أصبحوا على قناعة بانتهائها لغير صالحهم. وحين استلمت الحكومة اليابانية قائمة بالمطالب الأمريكية (وعلى رأسها الاستسلام بغير شروط) فكرت جدياً بالموافقة عليها..غير ان رئيس وزراء اليابان في ذلك الوقت قرر التريث لمعرفة رأي الامبراطور ووزارة الحرب. وهكذا حين سئل في مؤتمر صحفي عن رد بلاده على المطالب الأمريكية قال «تم تأجيل النظر فيها» (واستعمل كلمة mukusatsu في الجملة)..ولأن هذه الكلمة تحمل في اللغة اليابانية معنيين (الأول : تعليق وتأجيل، والثاني: تجاهل وعدم اكتراث) ترجم الأمريكان تصريح الوزير على أنه عدم اكتراث بمطالبهم لإيقاف الحرب.. وفي ذلك الوقت كانت أمريكا قد اختبرت بنجاح القنبلة الذرية في صحراء نيومكسيكو. وكانت الإدارة الامريكية (بما فيها الرئيس ترومان) منقسمة على نفسها بخصوص إلقائها على اليابان. ولكن بعد أن ترجمت تصريحات رئيس الوزراء الياباني على أنها تجاهل (بدل تأجيل) رجحت كفة المؤيدين ووافق الرئيس ترومان على القاء القنبلة الذرية..وهكذا تحركت القاذفات الأمريكية وألقت على هيروشيما ونجازاكي أول قنبلتين ذريتين في التاريخ تسبباً فورا بقتل 200ألف إنسان(و300 ألف في السنوات التالية) بسبب كلمة خاطئة!! ٭ هذه الحادثة تعد نموذجاً لسوء تفاهم تكرر كثيرا - ومازال يتكرر - خلال التاريخ، فقبل عامين مثلا حصلت فضيحة كبيرة في معتقل جوانتانامو لهذا السبب بالذات..فهذا السجن - الأكثر تحصيناً في العالم - تعرض للاختراق من قبل مترجمين عرب يعملون لصالح الولاياتالمتحدة. فأمريكا تحتجز في جوانتانامو أكثر من 680 سجينا من جنسيات وثقافات مختلفة. وبما أن معظمهم (عرب) كان من الطبيعي ان تستعين بمترجمين من أصول عربية للتحقيق معهم..ولكن بعد وقت طويل من التحقيقات والاستجوابات اكتشفت السلطات أن معظم المترجمين كانوا يتعاطفون مع السجناء ويحورون اعترافاتهم.. وهكذا بدأت في اعتقال المترجمين والمتعاطفين مع السجناء(بمن فيهم إمام السجن يوسف بيبي وهو ضابط أمريكي من أصل صيني). وكان من أبرز المتهمين ثلاثة مترجمين عرب دينوا بتحريف الأجوبة وتلطيف الافادات وتهريب رسائل السجناء للخارج! ٭ أما في عالم المال والاقتصاد فيمكن أن تقود (الترجمة الخاطئة) إلى خسائر بالملايين، فحين كانت الهند تحت الاستعمار البريطاني قررت فرض رسوم جمركية على الفواكة والنباتات الاستوائية. غير أن أحد الكتبة الهنود - أثناء كتابته لنص القانون - ألغى الفاصلة من جملة (Tropical fruit , plnit) واستبدلها ب«الواصلة» في الجملة (Tropical fruit - plnit). وهكذا تغير نص القانون بأكمله من فرض تعرفة جمركية على جميع «الفواكه والنباتات الاستوائية» إلى فرض تعرفة خاصة ب«نباتات الفواكه الاستوائية».. وحين اكتشف هذا الخطأ بعد عامين كان البريطانيون قد خسروا ملايين الجنيهات في حين سلم المزارعون الهنود طوال هذه الفترة.. وأخيرا هناك شركة جنرال موتورز التي لم تكتشف إلا متأخرا سبب عجزها عن بيع أي سيارة تحمل اسم «نوفا» في أمريكا الجنوبية. فسيارة «نوفا» التي حققت رواجا كبيرا في اوروبا وأمريكا الشمالية لم تبع شيئا في الأرجنتين والبيرو والمكسيك، ويعود السبب إلى أن كلمة «نو-فا» تعني باللغة الاسبانية (لا تسير) وهو ما اعتبره الزبائن اعترافاً بالخطأ تشكر عليه الشركة.