استجابة لاهتمامات الشارع السعودي وانشغاله بالجوانب الاقتصادية وخصوصاً سوق الأسهم فقد نشأ عن ذلك فرصاً جديدة في مجالات التدريب والتأهيل على كيفية تقويم فرص الاستثمار في السوق والاستفادة من تذبذباته. ولذا تزايد الطلب عاليا على مثل هذه المعرفة لعدد من الأسباب من أهمها ارتفاعات القيمة السوقية للأسهم وامكانية تحقيق الربح بشكل أغرى الكثير للدخول فيه. ولكي لا يفوت الوقت على المهتمين من المتداولين ومع كثرة المناداة بضرورة تثقيف المستثمر لنفسه وغير ذلك من العوامل فقد ساهمت في جملتها الى زيادة في حدة الطلب على العلم ببعض المواضيع الاقتصادية والمبادئ المالية حتى ضاقت الصحف والمطبوعات المتخصصة بكثرة مقدمي هذه الخدمة. ولاشك بأن الأسلوب العلمي لتحقيق نتائج جيدة في مجال معين يجب أن تبدأ بتعلم محددات النجاح فيه والتعرف على العوامل التي تؤدي الى الفشل والخسارة لتجنبها. ولكن الملاحظ أن الاستغلال الوقتي لتقديم مثل هذه الأنواع من التدريب والبرامج التعليمية غلب عليها عامل التجارة بشكل ربما انتفى على اثره هدف التعلم وتحقيق الأهداف. فهناك من يقدم البرامج التدريبية عن طريق أشخاص غير مؤهلين معرفياً بخلفية علمية اقتصادية ومالية جيدة. ولربما بنيت معرفتهم من واقع خبرات محدودة في سوق الأسهم السعودي والذي مثلما أثبتت الدراسات المحكمة عنه بأنه سوق يفتقر إلى الكفاءة المعلوماتية مما يعني أن لهذا انعكاسات مختلفة ليست مجال حديثنا هنا. ولذا ومن واقع الاغراءات الشديدة بتنامي الأرباح في تداول الأسهم وتحقيق معدلات نمو قياسية والوصول إلى مستويات غير طبيعية خلال السنوات الثلاث الماضية على الأقل فقد زاد من حدة الطلب على هذه المعرفة حتى اختلط الأمر على من يقدم فعلياً خدمة التدريب بالشكل الصحيح. اضاف لهذا الوضع في الرواج غياب الجهات الرقابية المتخصصة والتي يمكن أن تمنح تراخيص متخصصة للتدريب في هذا المجال. ولتشابك فروع العلوم الادارية والاستشارات في أمورها فقد استغلت هذه التعاريف للدخول في كل المجالات الادارية بما فيها أسواق الأسهم والتداول فيها إلى أن وصل في بعض الأحيان الخروج من دائرة التدريب الى تقديم توصيات محددة أو حتى قناعة المتدربين بمشاركة في محفظة استثمارية. وعل الأمر في الأصل هو عدم تأطير المعاملات ببنى تشريعية جيدة وقد مررنا بتجارب كثيرة كان آخرها مثلاً في التعاملات المالية شركات الأموال وادارة المحافظ بغير نظامية وغيرها من المعاملات التي كانت نهايات جزء كبير منها مؤلمة جداً. ومثلها أيضاً التحليل المالي وتقديم رؤية لا تخلو من وجود مصلحة معينة وهكذا. ختاماً يجب التنويه إلى أن الحديث هنا سواء عن التدريب أو غيره ليس منسحباً على الجميع فهناك من يقدم مثل هذه الخدمات وهم يمتلكون مقومات المعرفة والدراية والاحترافية بشكل صحيح. ٭ أستاذ المالية المشارك بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن