في سياق الأوامر الملكية الأخيرة، تمَّ تعيين معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله السند رئيساً جديداً لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ليخلُف معالي الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ. ومع بدء معالي الرئيس الجديد مهام منصبه، نأمل أن يكون خير خلفٍ لخير سلف، ونسأل الله أن يوفقه في أداء مهامه، وأن يكون على قدر الثقة الملكية، وعلى قدر تّطلُعات المجتمع! في تقديري، أنَّ المسؤولية، والمهنية، تفرض على كل مسؤولٍ جديد، العمل على استكمال مهام سلفه، فذلك من متطلبات العمل المؤسسي الناجح، وحتى لا تقع مؤسساتنا في مصيدة، البناء والهدم، المؤدي إلى بعثرة الجهود، والموارد، وإضعاف العمل المؤسسي، والتقوقع داخل دوائر مُغلقة، من العمل العشوائي، الذي لا يخدم برامج تطوير وتحسين أداء مؤسسات الدولة! لذلك، من المهم جداً، العمل على استكمال جهود معالي الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، في البناء المؤسسي للهيئات، بتقنين وتنظيم آليات أدائها ومباشرة مهامها! وفي مقدمة ذلك استكمال إنجاز اللائحة التنفيذية للتنظيم الجديد لهيئة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، الصادر في السادس عشر من شهر ربيع الأول لعام 1434ه، والذي حلَّ محل النظام السابق الصادر عام 1400ه، بما يكفل تنظيم مسارات العمل، بصيغٍ وأساليب مُفصّلة، وواضحة المعالم، تُحيط بكل الإجراءات الضبطية، لجهة استيفاء كل الضمانات والحقوق الخاصَّة بالموقوفين، أو المُتهمين! إلى جانب كل ذلك، ينبغي أن تتفرغ الهيئات لأداء مهامها، ووظائفها، وأن تنأى بجهازها، ورجالها، عن محاولات إقحامها في صراعات فكرية، أو أيدولوجية، لا ناقة لها فيها ولا جمل! وأن يكون تركيزها على المنهج الوسطي في الاحتساب، فلا تشدُد، ولا تراخٍ، وإنما عملٌ متوازن يروم تحقيق رسالة الاحتساب، بكل معانيها النبيلة، وفق قاعدة " الأمر بالمعروف بمعروف والنَّهي عن المنكر بلا منكر " ويلزم من ذلك: نبذ أساليب وأدوات البطش، والغلِظة، والتَّسلط، والوصاية، وسوء الظن! التي تمس بحقوق الإنسان، المكفولة له شرعاً ودستوراً! وحتى يمكن أنْ تتحقق هذه الأهداف النبيلة، فلا مناصّ من الاستمرار في تفعيل أدوات المراقبة والمحاسبة والمساءلة، بما يحول في الغالب دون وقوع الأخطاء والتجاوزات! وعدم الاستجابة، لمنْ يرفض، بالمطلق، محاسبة المتجاوزين، بإضفاء ما يُشبه القداسة على عمل أعضاء الهيئات! فالقائمون على أدائها، هم في كل الأحوال، بشرٌ ينتابهم الخلل والزلل والخطأ، وتركهم يعملون دون وجود نصوصٍ وحيثيات قانونية ونظامية حاكمة، سيؤدي إلى إحداث نوعٍ من الفوضى، والاحتقانٍ المجتمعي، بما يُعزّز الصورة النمطية السلبية عن جهاز الهيئات برُمته! مسك الختام: أدوار الهيئة المشهودة والعظيمة في المحافظة على قِيم الخير والفضيلة، وفي تخليص المجتمع من مصائب وويلات السحر، والشعوذة، والابتزاز، والاتجار بالبشر، وترويج الخمور وتعاطيها، والجرائم المعلوماتية.. ينبغي أن تستمر، وفق ضوابط وحيثيات نظامية حاكمة تتماهى مع جماليات رسالة الحِسْبة، وتطبيقاتها ومعانيها المُستنيرة! من أحاديث النبوة: " مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ، وَلا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ"