كشف تقرير نشرته صحيفة «هآرتس» الجمعة أن هناك تزايداً في اعتماد التعذيب كوسيلة لانتزاع الاعترافات من قبل محققي «الشاباك». واستندت الصحيفة في تقريرها الى وثائق من المحاكم العسكرية، ومعلومات نشرتها اللجنة ضد التعذيب. وأشار التقرير الى حادثة اعتقال الناشط في حركة «حماس» محمد الخطيب في الخليل في يونيو/ حزيران من العام الماضي، فور عملية اختطاف المستوطنين الثلاثة وقتلهم آنذاك، وتحويله الى «الشاباك» ليتولى التحقيق معه. وقد أنكر الخطيب حينها أن يكون له علم بعملية اختطاف المستوطنين، أو معرفته بمكان منفذ العملية مروان القواسمي. وتبين أن الشاباك استخدم التعذيب في التحقيق مع الخطيب، في إطار ما يُعرف ب»تحقيق الضرورة»، أو بلغة قضاة المحكمة العسكرية في عوفر «تحقيق غير عادي» أو «وسائل خاصة». وتحت ضغط التعذيب اضطر الخطيب للاعتراف بأنه كان ضمن المجموعة التي نفذت العملية، وأنه عمل كراصد للمنفذين ليلة تنفيذها. واتضح لاحقاً أن الاعترافات كاذبة وأنها انتزعت تحت ضغط التعذيب، وأن التحقيق أثبت أنه لم يكن «راصدا»، والدليل على ذلك أن لائحة الاتهام التي قدمت ضده بعد التحقيق لم تشر إلى أي دور له في العملية، فقد اتهم بأنه أطلق النار ذات مرة في الهواء في العام 2006، وأنه شارك في عدة مسيرات لحركة «حماس». وأشار تقرير «هآرتس» إلى أن التحقيق الذي أجري مع الخطيب هو جزء من توجه متصاعد في استخدام التعذيب من قبل محققي الشاباك منذ النصف الثاني من العام 2014. والإشارة هنا فقط إلى الحالات التي يلزم فيها محققو الشاباك بتقديم تقرير للمحكمة عن وسائل التحقيق التي تم استخدامها، لمساعدة القضاة في تقييم الأدلة التي انتزعت تحت التعذيب. ونقلت «هآرتس» عن أحد المحامين الذي مثل عدداً كبيراً من المعتقلين، قوله إنه في الفترة الأخيرة يوجد ارتفاع ملموس في الحالات التي استخدم فيها التعذيب. وبحسبه كانت الحالات معدودة في السنوات الأخيرة، ولكن حصل تغير ما، والتعذيب يستخدم اليوم في كل القضايا الكبيرة. وأكد تقرير الصحيفة أن 23 فلسطينياً قدموا شكاوى ضد تعذيب محققي «الشاباك» لهم بأكثر من أسلوب. منها خمسة شكاوى تتحدث عن منعهم من النوم، وثلاث أخرى اشتكى مقدموها من الضرب، وكلها خلال النصف الأول من العام 2014. وفي النصف الثاني من نفس السنة كانت هناك 19 شكوى حول المنع من النوم، و12 شكوى عن التعرض للضرب، و18 شكوى عن أساليب التقييد، واثنتان عن استخدام أسلوب الهز. ما يعني 51 حالة في النصف الثاني من العام 2014 مقابل 8 حالات في النصف الأول. وبحسب «هآرتس» فإن عدد حالات التعذيب في العام الماضي وصل إلى 59 حالة، مقابل 16 حالة في العام 2013، و30 حالة في العام 2012، و27 حالة في العام 2011، و42 حالة في العام 2010. واستناداً إلى وثائق حصلت عليها الصحيفة من المحكمة العسكرية في «عوفر»، تبين أنه في النصف الثاني من العام 2014 كان هناك 20 حالة تعذيب، على الأقل، والتي أقر بها الشاباك، في أربع قضايا مختلفة. ويمنع «الشاباك»عادة نشر الوثائق التي تتحدث عن التعذيب، حيث تقدم الوثائق المفصلة للمحكمة، ويمنع المحامون من الحصول على نسخ منه، وإنما يطلعون عليها فقط. ولفت تقرير الصحفية إلى أن أحد المعتقلين ادعى أمام المحكمة بأنه تعرض للتعذيب، وكتب القاضي العسكري في قراره بعد الاطلاع على مواد التحقيق تبين أن المعتقل قد تعرض للتعذيب، وعندها سارعت النيابة العسكرية إلى الطلب منه شطب هذا التعبير. كما لفت التقرير إلى أنه حتى العام 1999 تعرض للتعذيب آلاف الشبان الفلسطينيين سنوياً. وفي سبتمبر/ أيلول من العام 1999، وفي أعقاب التماس، منعت المحكمة العليا استخدام التعذيب كأسلوب، ولكن القرار أبقى ثغرة للمحققين يمكن بواسطتها للمحقق أن يدعي أنه استخدم التعذيب للضرورة. ونقل التقرير عن مصادر في المحكمة العسكرية، اطلعت على وثائق الشاباك، أن الوثائق تتضمن تفاصيل وسائل التعذيب، من ضمنها تغطية العينين لفترة طويلة، وإحاطة المعتقل بخمسة أو ستة محققين يصرخون في أذنيه لساعات، والاتكاء على جدار بينما تكون الركبتان محنيتين وإذا حاول المعتقل الجلوس يتعرض للضرب، ودغدغة أنف وأذن المعتقل بريشة، وصفعه على وجهه، وإجباره على الوقوف لساعات ويداه ممدودتان، والربط في وضعية الموزة. ووسائل أخرى.