يشهد قطاع سيارات الأجرة العامة «ليموزين» في المملكة حالة كبيرة من الفوضى، بسبب الكم الهائل من السيارات، وانتشار العديد من المخالفات التي تصدر عن سائقي هذه السيارات، إلى جانب تسبب هذه السيارات في إحداث الزحام والاختناقات المرورية، إذ يبدو أنَّ اللائحة الخاصة بتنظيم النقل العام لم تتمكن من ضبط بيئة العمل في هذا النشاط، وتتضمن هذه اللائحة (68) مخالفةً بحق غير الملتزمين بالاشتراطات، ومن أبرزها الالتزام بزي موحد وأنظمة المرور ونظافة المركبات، وغيرها، وبالمقارنة ببعض الدول المجاورة -على سبيل المثال-، فإنَّنا نجد أنَّ هناك فارقاً شاسعاً بين مستوى وخدمات سيارات الأجرة لدينا وبين سيارات الأجرة في تلك الدول. وهناك من يرى أن الحل يكمن في تحديد أماكن مخصصة لوقوف سيارات الأجرة وانتظارها وتنظيم طلبها عن طريق الهاتف، إلى جانب تحديد أوقات معينة لتواجدها في الأماكن الضرورية، كالمستشفيات والجامعات والأسواق, إلى جانب إخضاع سائقي سيارات الأجرة لدورات تدريبية تعينهم على التعامل مع طالبي الخدمة، والإلمام بطريقة استخدام خريطة المدينة وضرورة معرفة معالمها ومستشفياتها ومراكز التسوق فيها، مُقترحين إنشاء شركة مساهمة تُطرح للاكتتاب العام، بحيث تتولى نقل المواطنين والمقيمين داخل المدن وبين مدن ومناطق المملكة المختلفة، إلى جانب نقلهم من وإلى المطارات، على أن يتمَّ تزويدها بوسائل اتصال حديثة مرتبطة بغرفة عمليات مشتركة، وأن يكون لدى الشركة هاتف مجاني للحجز. عمل عشوائي وقال «عبدالله بن محمد العقيل» -نائب رئيس المجلس التنفيذي بالغرفة التجارية الأسبق بشقراء-: «إنَّها ليست سيارة أجرة فحسب، بل هي انعكاس لمجموعة من الأنظمة والقوانين المتبعة في البلد الذي تعمل فيه», مشيراً إلى أنَّها تُعدّ مركزا إعلاميا متنقل إمَّا لك أو عليك، مُضيفاً أنَّ سائقها يعكس تصوراً عن البلد من خلال تصرفاته، كما أنَّه سفير ناقل لزبائنه عن الوضع العام حسب تصوره ورؤيته له، ممَّا يدعو لتنظيم هذا المجال. وأشار إلى أنَّ طريقة عمل سيارات الأجرة حالياً تعدّ مشكلة بحد ذاتها، مُوضحاً أنَّ سائقيها اعتادوا البحث عن زبائنهم في الطرقات دون تحديد خط سير واضح، إنَّما هو انتقاء عشوائي من خلال التنقل من مكان لآخر، مروراً بأماكن الازدحام، مضيفين بذلك عقبة مرورية إضافية، لافتاً إلى أنَّهم يهدرون وقتهم في البحث ملوثين الجو بعوادم سياراتهم، إلى جانب تسبّب معظمهم في العديد من الحوادث المرورية. وأضاف أنَّ ذلك يدعو لإيجاد تنظيم يكفل تلافي كل تلك المشاكل، وذلك من خلال ايجاد أماكن خاصة بهم يتواجدون فيها في الأماكن المتوقعة لأداء الخدمة، إلى جانب إلزام شركاتهم بإيجاد مكاتب خدمة تعمل تحت الطلب عند الاتصال بكادر لا يقل عن ربع عدد السيارات المملوكة لديهم، على أن يشمل ذلك وجود برنامج مناوبة ليلية تحت الخدمة لتلبية احتياجات المواطنين والمقيمين، داعياً لسن قوانين تحمي المواطن والمقيم والشركات المقدمة للخدمة في آن واحد؛ لتكون أكثر أمنا وأمانا ممَّا هي عليه حالياً. ضغوط نفسية وأكَّد «خالد بن محمد الحمود» –مستشار إعلامي، وخبير تربوي- أنَّ بعض مناطق المملكة تعيش وضعاً صعباً في تنقلات الموظفين، سواءً على رأس العمل أو موظفي القطاع الخاص أو المتقاعدين، حيث يضيع الوقت على المواطن لمجرد الذهاب أو التفكير في قضاء مصلحة خاصة أو تسوق، مُضيفاً أنَّ العديد من الطرق تشهد ازدحاماً واختناقاً لم يتم التعامل معه بطرق هندسية فاعلة، موضحاً أنَّ مدينة «الرياض» هي الأكثر ازدحاماً في جميع الأوقات. وأوضح أنَّ ذلك انعكس سلباً وتسبَّب في ضغوط نفسية على قائدي المركبات، مُضيفاً أنَّ هذه الطرق أصبحت تئن وتصرخ من هذا الضغط، وذلك هو بسبب فوضى تنقلات سيارات الأجرة في جميع الأوقات في جميع أنحاء العاصمة بلا حسيب ولا رقيب، إلى جانب عدم توفر مواقف أو محطات مزودة بأجهزة حديثة «طلبات إلكترونية» تلبي رغبات المستفيدين، وكذلك تحرك جميع المركبات في توقيت واحد. محطات افتراضية وأضاف «الحمود» أنَّ ذلك ناتج أيضاً عن قلَّة التواجد المروري واعتماده على إغلاق منافذ طرق محددة، سواء بالوقوف بسيارة المرور أو وضع حواجز مؤقتة، ممَّا أدَّى إلى زيادة الازدحام، إلى جانب عدم توفر محطات مؤقتة للحافلات، مُقترحاً تقسيم مدينة الرياض إلى (10) أقسام «محطات افتراضية»، إلى جانب اختيار مواقع يتوفر فيها إمكانية عمل مواقف مؤقتة تكون في متناول الجميع، وتوفير خدمة إلزامية لأصحاب التاكسي أو الأجرة بتسريع تطبيق «سائق بالخدمة». ودعا أيضاً لفرض استخدام تسجيل الطلبات ومراقبة تحرك مركبات الأجرة، مع وضع رقم إلكتروني لكل سيارة أجرة، بحيث يتم تتبع المركبة ومعرفة مدة بقائها، على أن يكون ذلك من خلال نظام يتمّ إعداده عن طريق مُزوّدي الخدمة، بحيث يتمّ طرحه للمناقصة للجميع وفق ضوابط وشروط يسهل معها المتابعة من قبل الجهات المختصة، إلى جانب تخصيص حافلات للنقل الترددي العاجل لعدد من المواقع، مثل: جامعة الملك سعود وجامعة نورة ومطار الملك خالد، وغيرها. أنظمة النقل واقترح «الحمود» أيضاً تخصيص حافلات خاصة بالمواقع الحكومية الحيوية في «طريق الملك عبدالعزيز»، بحيث تكون الأفضلية لمسارات هذه الحافلات بساعات محددة في بداية الدوام اليومي إلى نهايته، إلى جانب تشجيع المواطنين وطلاب الجامعات على تفهّم هذه المرحلة، وكذلك وضع ضوابط وحزمة إجراءات لكل من يخالف أنظمة النقل من مركبات ومستفيدين، ووضع مراقبة أمنية لتحرك هذه المركبات، وتوزيع الخدمات الحيوية متنقلة في المواقع التجارية. ونادى أيضاً بتفعيل عاجل لخدمات التوصيل «واصل»، وفتح المجال لمُقدّمي الخدمة بشروط وضوابط عالية الجودة ورسوم معقولة، إلى جانب تعديل اتجاهات بعض الطرق وتوحيد اتجاهاتها من خلال ضبطها تحت إشراف مروري ميداني، على أن يتمّ الاستعانة بطلاب السنة النهائية بكلية الملك فهد الأمنية وتدريبهم على التعامل مع الأزمات والمساهمة في التعامل مع الاختناقات المرورية من خلال مركز عمليات خاص. شركات وهمية وأشار «محمد بن عبدالله السنان» –مدير تنفيذي لصندوق المتدربين بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني- إلى أنَّ ملكية العديد من سيارات الأجرة لدينا تعود لشركات وهمية –على حد رأيه-، كما أنَّ جميع سائقي هذه السيارات هم من جنسية آسيوية واحدة، مُضيفاً أنَّ نسبة كبيرة من سائقي هذه السيارات في العديد من دول العالم هم من مواطني الدولة نفسها، مُشيراً إلى أنَّ هذه المهنة ستوفر دخلا ماديا جيدا لشبابنا متى ما عملوا فيها. وبيَّن أنَّ شركات ال «ليموزين» تحصل يومياً من السائقين على ما بين (140) إلى (150) ريالاً، وهذا يعني أنَّ كل سيارة توفر دخلاً شهرياً لهذه الشركات يصل إلى حوالي (4500) ريال، في الوقت الذي يصل فيه دخل السائق إلى أكثر من سبعة آلاف ريال شهرياً, موضحاً أنَّ السائق المواطن قد لا يستطيع تحقيق هذا المستوى من الدخل، في ظل وجود هذه المنافسة الكبيرة؛ لأنَّ نسبة كبيرة من السائقين الأجانب قد تعمل لمدة تصل إلى (15) ساعة يومياً. حوادث أليمة وأضاف «السنان» أنَّ عددا كبيرا من الوافدين يعملون في مجال سيارات الأجرة، مُضيفاً أنَّهم يعملون لفترات طويلة ليلاً ونهاراً، وذلك لتحقيق أكبر قدر من الدخل، مُشيراً إلى أنَّ ذلك مناف لقواعد وأنظمة العمل الدولية، في ظل ما يحدث لهم أثناء القيادة من إرهاق، موضحاً أنَّ ذلك مدعاة لوقوع العديد من الحوادث المرورية الأليمة التي غالباً ما يكونون سبباً فيها، لافتاً إلى أنَّ احتكار جنسية معينة لهذه المهنة جعلهم يوحدون الأسعار في اتفاق غير معلن بينهم. ولفت إلى أنَّه رغم انخفاض سعر الوقود في بلادنا -ولله الحمد-، إلاَّ أنَّ ذلك لم يؤد لخفض أسعار خدمات سيارات الأجرة لدينا، موضحاً أنَّ الأسعار زادت عن ذي قبل، مُضيفاً أنَّ هذا القطاع يشهد نوعاً من ضعف الكفاءة في التنظيم، مُشيراً إلى أنَّ بعض السائقين قد ينتظر مدة طويلة في المطارات للحصول على راكب واحد، في حين ينتظم النَّاس في طوابير انتظاراً لسيارة الأجرة في عواصم أخرى، كما أنَّ التسعيرة الحكومية مُكلفة مقارنة بدول أخرى تتساوى تكلفة المعيشة فيها مع المملكة. فرص وظيفية وأوضح «السنان» أنَّ هذا القطاع الحيوي يتضمن العديد من الفرص الوظيفية لشريحة كبيرة من الشباب، مُشدِّداً على أهمية تنظيمه، خصوصاً أنَّه يعكس صورة حضارية مشرفة للبلاد، مُبيِّناً أنَّ بلادنا تستقبل في كل عام ملايين الحجاج والمعتمرين والزوار للمدينتين المقدستين مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، داعياً إلى تنظيم فترة عمل سائقي سيارات الأجرة، بحيث لا يعمل السائق فترة تزيد على ثماني ساعات يومياً. ودعا الجهات المعنية لمنع الشركات من تقاضي أجرة يومية من العاملين في هذا المجال، على أن يتم الاكتفاء بالحصول على نسبة محددة ممَّا يتقاضاه السائق، أو تخصيص راتب شهري له، موضحاً أنَّ اشتراط الحصول على مبلغ يومي مُحدَّد قد يتسبب في أن يعمل السائق مدة أكثر ممَّا يطيق لتوفير هذا المبلغ، مُقترحاً إنشاء مراكز للتنسيق بين السائقين بحيث يكون عملهم في الغالب بناء على الطلب، إلى جانب إعادة النظر في تسعيرة الأجرة. دورات تدريبية وشدَّد «سعيد بن صالح البشري» –رجل أعمال– على ضرورة تحديد أماكن مخصصة لوقوف سيارات الأجرة وانتظارها وتنظيم طلبها عن طريق الهاتف، إلى جانب تحديد أوقات معينة لتواجدها في الأماكن الضرورية، كالمستشفيات والجامعات والأسواق, داعياً لأن يخضع سائقو سيارات الأجرة لدورات تدريبية تعينهم على التعامل مع طالبي الخدمة، إلى جانب الالمام بطريقة استخدام خريطة المدينة وضرورة معرفة معالمها ومستشفياتها ومراكز التسوق فيها. ودعا لإلزام كل من يرغب في العمل بهذا المجال بالحصول على هذه الدورة التدريبية وجعلها شرطاً أساسياً لذلك، على أن تتضمن هذه الدورة الجوانب النظامية والقواعد المرورية وأخلاقيات المهنة، وغيرها من الأمور المرتبطة بهذه المهنة، مُقترحاً إنشاء شركة مساهمة يتم طرحها للاكتتاب العام، بحيث تتولى نقل المواطنين والمقيمين داخل المدن وبين مدن ومناطق المملكة المختلفة، إلى جانب نقلهم من وإلى المطارات. ودعا إلى تزويدها بوسائل اتصال حديثة مرتبطة بغرفة عمليات مشتركة، وأن يكون لدى الشركة هاتف مجاني للحجز، لافتاً إلى أهمية الاعتماد على الشباب السعودي في قيادة سيارات الشركة، بدلاً من حصرها على سائقين من جنسية واحدة كما هو عليه الحال حالياً، على أن يتمَّ توفير وظائف أخرى لهم خاصة بالأعمال الإدارية وأعمال الصيانة. تنظيم القطاع يضمن استقطاب الشباب السعودي عبدالله العقيل خالد الحمود محمد السنان سعيد البشري