تبنى الفرع الليبي لتنظيم الدولة الإسلامية الذي يسمي نفسه "ولاية برقة" هجومين من الهجمات الثلاث التي هزت مدينة القبة شرق ليبيا أمس وراح ضحيتها 45 شخصا على الأقل بينما جرح العشرات. وقالت حسابات على صلة بالتنظيم على تويتر إن شابين قاما بتنفيذ عمليتين انتحاريتين بسيارتين مفخختين استهدفتا غرفة عمليات اللواء المتقاعد حفتر في المنطقة الشرقية والجبل الأخضر في منطقة القبة. وأضافت تلك الحسابات التي بثت صورا لمنفذي الهجومين ولحظة وقوعهما أن الانتحاريين "قتلا وجرحا العشرات ثأرا لدماء المسلمين في مدينة درنة وانتقاما من حكومة طبرق المتآمرة على قتلهم ورسالة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على جند الخلافة وعامة المسلمين". وفيما نشرت صورا لمسلحين ملثمين قالت إن "منفذ العملية الأولى يدعى أبو عبدالله الجزراوي، ومنفذ العملية الثانية يدعى بتار الليبي". ولم يذكر التنظيم التفجير الثالث في محطة توزيع الوقود في مدينة القبة حيث وقع معظم الضحايا من المدنيين في هذه المنطقة الواقعة شرق ليبيا الغارقة في الفوضى والعنف منذ الاطاحة بالنظام السابق العام 2011. وقال شهود إن "الانفجارات كانت متزامنة وكان دويها عاليا جدا وسمع في مختلف أرجاء المدينة" الصغيرة التي تبعد نحو 50 كلم شرق مدينة البيضاء حيث المقر المؤقت للحكومة الليبية المعترف بها دوليا. وقال مسعفون أن "عدد الضحايا الأكبر كان في محطة توزيع الوقود في المدينة ومعظمهم من المدنيين الذين قدموا للتزود بالوقود من هذه المحطة المزدحمة التي شح عنها الوقود خلال الايام الماضية ما تسبب في هذا الازدحام"، مؤكدين نجاة رئيس البرلمان من الحادث كونه لم يكن متواجدا في المنزل. وفي وقت لاحق أكد رئيس البرلمان للصحافة الهجمات، معلنا الحداد سبعة أيام على أرواح الضحايا. وطالب رضا العوكلي وزير الصحة في حكومة عبدالله الثني أهالي الجرحى بسرعة تقديم مستندات السفر الخاصة بجرحاهم تمهيدا لنقلهم على الفور للعلاج خارج البلاد، مدينا بشدة هذا العمل "الارهابي". ويأتي هذا الانفجار بعد أيام قليلة من الغارات المشتركة التي نفذها سلاحا الجو الليبي والمصري على أهداف لمتشددين في مدينة درنة انتقاما لمقتل 21 قبطيا تم ذبحهم على يد الفرع الليبي لتنظيم داعش في مدينة سرت وسط ليبيا. وجميع سكان هذه المدينة من قبيلة العبيدات التي ينتمي إليها رئيس البرلمان الليبي وعبدالفتاح يونس رئيس أركان الجيش الذي قاد الحرب على نظام معمر القذافي وقتل على أيدي متطرفين في العام 2011 قبل انتهاء الثورة المسلحة بثلاثة أشهر. ويحاصر الجيش وقوات اللواء حفتر إضافة إلى مدنيين مسلحين منذ أشهر جميع مداخل ومخارج درنة التي تعلن ولاءها صراحة لتنظيم داعش وزعيمه أبوبكر البغدادي، فضلا عن كونها المعقل الأبرز للجماعات المتشددة. وهذه العمليات هي الأولى من نوعها التي تستهدف تجمعات مدنية ليس لها علاقة بالمؤسسات العسكرية، وتعد تطورا لافتا في مسلسل العنف الذي يسود البلد. وفي أول رد فعل حكومي رسمي، حمل رئيس الهيئة العامة (وزير) للاعلام والثقافة في حكومة الثني عمر القويري "التنظيمات الإرهابية" مسؤولية التفجيرات. وقال إن "هذه التفجيرات ليست مفاجئة ولا مستغربة من تنظيمات إرهابية ممنهجة وسلوكها العنف والذبح والقتل والسبي في زمان صار فيه حتى للحيوانات حقوق وقوانين تحميها". وأضاف القويري إن "المستغرب هو الصمت العربي والدولي والبعض يحارب الإرهاب في دولة ويدعمه في أخرى، والأغرب منه هو ما نراه ونسمعه من مناكفات سياسية بين الكتل والأحزاب والقيادات في ليبيا رغم أن الخطر يداهمهم جميعا والسهام متجهة إليهم والسيارات المفخخة سوف تطالهم جميعا وتصل إليهم بدون تفريق". وتعاني ليبيا من تدهور مستمر للوضع الامني منذ الاطاحة بالعقيد معمر القذافي في 2011 بمساعدة تحالف عسكري لحلف شمال الاطلسي، ما ادى الى دعوات تطلب رفع الحظر على السلاح لعل ذلك يساعد الحكومة المعترف بها دوليا في استعادة بعض السيطرة. وينتشر السلاح بشكل فوضوي في ليبيا حيث تتقاتل ميليشيات عدة للسيطرة على المدن المهمة وحقول النفط. ولا يقتصر الامر على الفوضى الميدانية. فعلى الصعيد السياسي يوجد في ليبيا حكومتين: الاولى مقرها طبرق ومعترف بها دوليا والثانية يسيطر عليها تحالف ميليشيات تحت اسم "فجر ليبيا".