لست أدري.. إلى أي مدى، وكم من المقدار يمكن أن تستطيع البشرية أن تتحمل صنوف البشاعة في الإجرام، وتحديداً ما يتم منها في أساليب القتل والتصفيات !! كانت البشرية تعرف وتستوعب نوعين من طرق مصادرة حياة بني آدم على يد أخيه الآدمي: نوعاً عشوائياً يتم في الحروب والمنازعات وقصص الثأر، ونوعاً مقصوداً بذاته يتم عبر الأنظمة والقوانين لتنفيذ حكم شرعي أو تطبيق جزاء عدلي.. وكان هذان النوعان يمران من بوابة التلقي والاستيعاب الإنساني مصحوبين بالإذعان والتسليم؛ لأنهما فقرتان لا مفر من حدوثهما ضمن تحولات الحياة المعتادة. غير أن البشرية منذ أن وارى (قابيل) سوأة أخيه، أخذت ترى وتعيش وتتلقى صنوفاً متوالية من الاغتيالات التي تضيف إلى كارثة مصادرة الحياة بغير حق أنواعاً لا تحصى من الدمار النفسي والوجودي للإنسان تقف خلفها دوافع تعبر عن تردي الذات الإنسانية، مثل: الغدر والخيانة والحقد والحسد والطمع وشهوة الاعتداء. الآن.. وصلت البشرية -مع شديد الأسى والأسف ومرير الرثاء- إلى تقليعات غريبة عجيبة لا تستوعبها صيغ الدمار نفسه فما بالنا بالإنسان؟ !!!. لقد أمسينا نقرأ، ونسمع، ونرى ونشاهد أفلاماً ومشاهد مسرحية ولحظات موثقة لإعدام الإنسان بتوفُّر وإتقان وبدم بارد، وبطريقة يَنْفَتِلُ في فقراتها، ويَنْدَغِمُ في أحداثها أُوَارُ المأساة وصقيع الملهاة. هذه التقليعات التي لا تمت إلى الحياة ولا إلى البشرية بأي وشيجة حملت إلى بني آدم في هذا الزمان عاملين بشعين من عوامل الدمار واليأس والإحباط: الأول: أن في إمكان أي عصابة من عصابات القتل والتشفي أن تقبض - بالسهولة كلها- على أناس أبرياء عُزْلٍ في حالهم، ولا علاقة لهم بأيٍّ مما يجري حولهم، ولا ذنب لهم في أيّ حدث، فتبيدهم وبطريقة لا تخطر على بال منابت الحقد والضغينة!!. والآخر: تصوير هذه التقليعات وهذه العمليات باحترافية مذهلة، وبتقنيات سينمائية استثنائية، وبإخراج مبهر، ثم توزيعها وعرضها على رؤوس الأشهاد في كل أصقاع الدنيا وبقاع الأرض بكل ما في أحذية العالم من قذارة !!!. والأسئلة أيها السادة الكرام التي تنهض بكل ما على هذه البسيطة من خيبة واكتئاب ومرارة هي أسئلة كثيرة ومرعبة، يأتي في مقدمتها هذا السؤال الذي لا فرق بينه وذلك الحد الفاصل بين الحكمة والجنون: كيف تستطيع وتتمكن عصابات النار والعذاب والدمار من القبض على الأبرياء، ثم تلبسهم لباس الموت، وتقتادهم إلى أماكن مشرعة أمام الدنيا كلها، وتوقفهم ومن خلفهم السفاحون، ثم تنصب أجهزة التصوير والإخراج والتسجيل، ويجري سيناريو الموت وتتم الإبادة البشعة دون أن يتمكن أحد في كل الوجود البشري وخارطة الحياة أن يرى ويكتشف هذه المهازل المؤسفة التي لا يصدقها عقل ولا يستوعبها جنان.. ؟!! وبخاصة أن هذه الأحداث والعمليات تتوالى وفي الإمكان التدخل بأي شكل لإيقافها وإنقاذ الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة. إنها أيها الناس كارثة هذا الزمان.