ينذر الوضع المعيشي السيئ في أحد الأحياء الشعبية (أقصى شرق جنوبالرياض) القابع بعيداً عن الجهات الخدمية والمؤسسات الخيرية وفاعلي الخير بأزمة إنسانية وصحية وبيئية خطيرة في حال لم تتدخل سريعاً الجهات المختصة والجمعيات الخيرية في البلاد قبل دخول فصل الشتاء لإنقاذ العشرات من الأسر هناك من المأساة التي يعيشونها ويتعايشون معها في ذلك الحي غريب الأوصاف والمليء بالمتناقضات.. في العاصمة الرياض في المنطقة المسماة ب(خشم العان) يقع الحي المسمى ب (الفوج) حيث تحيط به الجبال من كل صوب وتتناثر النفايات على كل جوانبه.. يرى زائر الحي مالم يكن في مخيلته أن يراه.. عشش وصناديق خشبيه ومباني متهالكة تكاد تسقط على من فيها في أي وقت تؤوي العشرات من الأسر بعضها يتجاوز عدد أفرادها (20) فرداً. ليس غريباً وأنت تتجول في ذلك الموقع عبر الطريق الترابية المتعرجة أن تشاهد طفلاً يخرج من بين أكوام النفايات المتراكمة أمام منزل اسرته وقت الظهيرة وهو شبه عار أو بملابس ممزقة حيث كان يلعب ويلهو ببقايا العلب الفارغة مع القطط والكلاب ووسط الغبار الكثيف الذي يغطي سماء الموقع الذي يفتقر لأدنى متطلبات الحياة.. عندما قامت «الرياض» للمرة الثانية وفي نهار رمضان بزيارة هذا الحي وعندما قدمنا من أقصى شمال الرياض إلى أقصى الجنوب الشرقي لها للوقوف على هذا الحي كنا نضع في الحسبان ونعلم الوضع النظامي لهذا الحي والأراضي التي تقع عليها تلك المنازل الخشبية والصنادق ونعرف ان ليس كل من يسكنها محتاجاً ولكن بالفعل هنالك عدد كبير من الاسر قد لا تجد قوت يومها في ظل دخل يسير أو بدون دخل يقابل ذلك 10 -20 فرداً بعضهم أيتام، وعندما نطرح القضية نلامس جوانبها الانسانية قبل كل شيء حيث تتطلب القضية دراسة عاجلة لايجاد حلول لها لإنهاء تلك الصور المزعجة.. وتستدعي كذلك تلك المشاهد الانسانية من كل جهة حكومية معنية ومن كل جمعية خيرية ان تقف امام مسؤولياتها في هذا المجال، فلم نصل بعد إلى حد الكمال وانتهاء مشكلة الفقر والحاجة، طالما ان كثير من اصحابها قد لا يجد الوسيلة التي توصله إلى الجهات الخيرية وسط أو شمال المدينة لطلب العون والمساعدة إذا لم تقم تلك الجهات بالبحث عن أصحابها من المحتاجين في كل بقعة ومكان من نطاق عملها حتى لو كان من ذلك على أطراف المدينة. أحد ساكني هذا الحي التقيناه وهو يهم بركوب سيارته المتهالكة الواقفة امام باب (منزله الخشبي) والمغطى بشراع أزرق للتقليل من كمية المياه المتسربة من سطح الصندوق حال هطول الأمطار.. أكد لنا وهو في طريقه على ما يبدو للعمل والبحث عن رزق ابنائه ان الحي يحتاج للكهرباء والماء بشكل عاجل كما يحتاج لإعادة تنظيمه أيضاً بشكل عاجل ودراسة وضع سكانه استطرد قائلاً العيش في هذا المكان صراحة لا يطاق.. يجب تأمين سكن.. أي سكن مناسب لتلك الأسر داخل المدينة عن طريق الجمعيات الخيرية وأهل الخير ونقل الاطفال والنساء وكبار السن إليها على وجه السرعة لأن المكان الذي هم فيه لا يحتمل إطلاقاً على حد وصفه. «الرياض» تطرح في هذا التحقيق (نماذج) لاوضاع عدد من الأسر المعيشية هناك كمثال للمعاناة التي تعيشها الكثير من الأسر هناك.. ش. شي يعول (22) فرداً من أسرته عدد منهم (أكفاء) ويسكن في منزل شعبي متواضع من البلوك ويعمل براتب (2315) ريالاً (740) ريالاً منه اقساط يدفعها شهرياً. ب. ش أرملة تعول (15) من ابنائها ولايوجد للأسرة دخل واثنان من ابنائها في السجن. ه. ع يعول (13) طفلاً ولايوجد له دخل ويسكن الحي منذ 12 سنة ومنزله مبني من الاخشاب ويتكون من (4) غرف مع المطبخ ولايعمل وعدد من صغاره يعانون من امراض مختلفة. ه. ع لايعمل وعدد افراد أسرته (13) وليس لديه دخل ويتكون منزله من (4) غرف مع المطبخ مبني من البلوك ومستأجر ب(300) ريال في الشهر. (م. ش) و (ت. خ) ارملتان تعولان 14 يتيماً في 3 غرف ومطبخين منذ 12 سنة في منزل من البلوك المتواضع.. هذه بعض النماذج للأسر التي تسكن ذلك الحي وعدد منها مسجلة بالجمعيات الخيرية وجمعية الايتام ولكن عدداً آخر لا بأس به غير مسجل في الجمعيات والأهم ان حاجة تلك الأسر اكبر مما يقدم لهم وأبرز واهم أساسيات ذلك هو تأمين سكن مناسب لتلك الأسر داخل المدينة قريباً من المدارس والمراكز الصحية والجمعيات الخيرية والخدمات لأن وضع السكن لتلك الأسر الآن سييء للغاية ويوحي بالعديد من المخاطر الصحية والبيئية مع دخول فصل الشتاء كل عام. من جانبه أكد مدير متوسطة ابن ابي شيبة محمد بن خلف الشبرمي التي يدرس فيها عدد من ابناء الحي ان الواقع المعيشي في حي الفوج صعب جداً من ناحية الظروف المادية وصعوبة التنقل اليومي من والى المدرسة ومكلفة مادياً للأسر. وقال الشبرمي ل«الرياض» انهم في ادارة المدرسة ومن خلال اطلاعهم على كثير من الحالات التي تتشكل في سلوكيات طلاب الحي يجدون ان ظروف الحي غير الصالحة للسكن تشكل بدورها ضغط نفسي على الطلاب من ناحية الطلاب من الاحياء الاخرى لهم مما يولد معها مشاكل متنوعة. وأضاف ان الحي يقع في منطقة معزولة عن احياء العاصمة ولا تتوفر فيه أدني مستويات الحياة الكريمة للأفراد وللمدرسة جهود في دعم طلاب ذلك الحي مادياً ومعنوياً ولكن ذلك يبقى قاصراً وعلى مدى قصير، كما ان هناك دعماً من مركز الاشراف التربوي بشرق الرياض عبر مشروع رعاية الطلاب ذوي الحاجات المادية، ونحن على اطلاع بكافة مشاكل وهموم طلاب الحي لذا نطالب بايجاد مشروع متكامل يحل مشاكلهم عبر لجان تشكل لدراسة اوضاعهم المعيشية. وأشار الشبرمي في نهاية حديثة الى وجود عدد من الابداعات والتفكير الجيد لدى كثير من طلاب ذلك الحي المقرونة بالاخلاق وحسن التعامل مع الآخرين مما ينبئ بأن يكونوا ان شاء الله لبنة بناء لوطنهم. ويروي وكيل متوسطة ابن ابي شيبة صالح الحارثي قصة احد طلاب الحي خلال الدراسة حيث كان يحضر للمدرسة بثوب قديم وممزق فعندما سئل تهرب من الاجابة وبعد الحاح عليه بكى ثم قال انه لايملك الا ثوباً واحداً يغسله كل يوم ويلبسه ووالده كبير في السن ويعمل في جمع الحديد على سيارته القديمة. وأضاف ان غالبية طلاب الحي لايجدون مبلغ الافطار الصباحي في المدرسة حيث تعاون عدد من زملائهم في المدرسة معهم وتم ارسال خطابات لعدد من الشركات لمساعدتهم واستجابت بعض شركات الملابس وتبرعت بعدد من الملابس لهم. وقال الحارثي ان ظروف سكان حي الفوج من واقع معايشته لطلاب الحي سيئة جداً وتنقصهم الكثير من الخدمات ووسائل السلامة حيث تتعرض مساكنهم وقت هبوب العواصف والامطار للسقوط ويعانون من مشاكل الفقر وعدم توفر وسيلة مواصلات لهم مما يزيد من ظاهرة تأخر ابنائهم او غيابهم عن المدرسة حيث لجأت عدد من أسرهم الى السكن في ذلك الحي نتيجة فقرهم وعجزهم عن مقاومة تكاليف الحياة ومتطلباتها المعيشية داخل المدينة. المرشد الطلابي بالمدرسة الاستاذ ابراهيم المنيعي يقول انه اطلع على الوضع المعيشي لسكان الحي وما يعانونه خاصة في فصل الشتاء حيث تتطاير أسقف تلك المنازل من على رؤوس ساكنيها. وطالب المنيعي بحل سريع لأوضاع الأسر في الحي وتخصيص مساكن للمحتاج منهم في المشاريع السكنية الخيرية المنتشرة في الرياض وتخصيص وجبات مجانية عن طريق شركات التموين القائمة على مقاصف مدارس الرياض لأبناء الحي من المحتاجين مشيراً الى ان بعض هؤلاء الطلاب لايناولون في اليوم الوجبات التي تكفيه لسد جوعهم اضافة الى معاناتهم في التنقل من والى المدرسة الذي يكلفهم ما لايقل عن 250 ريالاً تقريباً.