إن من تبلغ لديه ثقافة العطاء لدرجة الاستمتاع بها والبحث عنها فانه قد وصل إلى درجة مثالية في حب الناس وحب الخير للغير وخاصة الفقراء منهم، وكذلك فإن يقينه برصد تلك الأعمال ليوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم قد وصل إلى غايته وعرف معها أن الدنيا هي مزرعة الآخرة وما يستودعه العبد فيها سيقطف ثماره في يوم سيكون بقمة الحاجة الى ما اوعه وزرعه وتابع سقياه واعتنى به، وهو في هذه الحالة يصل لدرجة الإيمان الأمثل التي دون شك يتمناها كل من حباه الله بفضله وزاده من نعيمه ان في اموال الموسرين حقا معلوما للسائل والمحروم ولهذا تكونت هذه الرغبة بذلك السمو لدرجة قد تصل الى الإيثار في بعض رموز الخير والفضل في مجتمعنا، وتتميز فرحتهم بالعطاء اذا ضمنوا للعطاء روح الاستدامة، ولا شك ان من يحمل هذا الرقي الايماني قد اصبح يبحث عن المستحق ان لم يجده امامه ويبحث في اصناف المحتاجين حتى يسد حاجاتهم كما يأملون هم لان المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص والايمان ان يحب المرء لغيره ما يحب لنفسه، وهؤلاء الفضلاء من الموسرين لا نجدهم كثيرا والا أصبحنا مجتمعاً اقرب للمثالية ولا نقول ان هذا ممكن لأننا لم نسمع عنهم كثيراً في عصور السابقين من البشر ولكن هذا هو فضل الله يؤتيه من يشاء. ان ما سبق نجده قد اكتسى شخصية رجل العطاء الصامت الشيخ عثمان بن محمد الرشيد (ابوسامي) الذي انتقل الى جوار ربه بعد ان ضرب أمثلة في الفضل والعطاء لكل المحتاجين الذين يصلون اليه بذواتهم او بشفاعات كريمة اليه، او ممن استطاع الوصول اليهم من الايتام والفقراء والمحتاجين والجمعيات واللجان الخيرية، وكذلك مساهمته غير المحدودة في بناء اسر بكاملها ونقلها بعد توفيق الله من الحاجة الى الاكتفاء وفي البعض منهم الى الثراء لأنه كان يخصهم بالمساعدة ويشاركهم في نشاطاته العقارية ويقرضهم ويساهم بالإنابة عنهم وعند تصفية الارباح يسترد قرضه ويسلم المساهم ارباحه كاملة بل ويشعرهم ان هذا حق لهم عليه ما دام بمقدوره خدمة معارفه واهل بلده وحظ قد ساقه الله له وهي درجة من الايثار نسمع عنها وكنا نظنها خيالات حتى رأيناها فيه رأي العين، ولان الاعتراف بالفضل فضيلة فهو من اصحاب الفضل في مقتبل عمري وسأبقى حافظاً لفضله ومقدراً لمعروفه ويقيني انه ممن خلقهم الله لقضاء حوائج الناس ومن الآمنين من عذاب الله يوم القيامة كما ورد في حديث ابن عمر رضي الله عنهما حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله عز وجل خلقاً خلقهم لحوائج الناس يفزع إليهم الناس في حوائجهم أولئك الآمنون من عذاب الله. ان رجلا كريم الخلق وندي اليد ولطيف اللسان وحسن التعامل كراحلنا ابو سامي لا نتجاوز اذا قلنا ان مسؤوليته الاجتماعية تتجاوز حدود العطاء للمحتاجين الى ان اصبح علما وطنيا يقدم بكل قناعة مبلغ يتجاوز 15 مليونا لإنشاء الكلية التقنية في مسقط رأسه محافظة المجمعة مع اثاثها المتكامل ومسجدها المتميز بمدخل المدينة الانيقة واستفادت الكلية منه عدة سنوات حتى انتقلت لمبناها الجديد واصبح مقراً للمعهد العالي للتدريب المهني والتعليم الفني متمثلاً حديث الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والسلام ان خير الناس انفعهم للناس فكم من متخرج احتضنه هذا المبنى، ثم تكفله ببناء مركز اسعاف مجهز للهلال الاحمر على الطريق السريع لكي يسعف المارة والمحتاجين وبكلفة تجاوزت 5 ملايين ريال، وكم له من ايادِ بيضاء على شباب المجمعة والدعم المتواصل لناديهم ومساندته لأنشطته وتشجيع لاعبيه وتفعيل الكثير من برامجه حتى اصبح النادي ملتقى اجتماعيا نافعا ومنارة شبابية رائدة، وله رحمه الله الكثير من الاعمال التي يطول سردها ويكفي كما قيل من السوار ما طوق المعصم لنعرف فضل ذلك الرجل الذي ورث العطاء والفضل والبذل من والده الشيخ محمد الرشيد امد الله بعمره على طاعته واللذان بقيت بصماتهما وعطاءاتهما كشواهد على فضل الرجال في مجتمعاتهم. في الختام.. الناس شهود الله في ارضه وقد شهدوا بالكثير لأبي سامي رحمه الله، والتاريخ لا ينسى لأهل العطاء بصماتهم ولا يمحو اثارهم ويتوارث الرجال والابناء والاحفاد ذكر مآثر الرجال التي يعتبرها كل منصف حياة ثانية لصاحبها وتمثل تلك الشواهد صدقة جارية لا ينقطع اجرها لمن انقطع وجوده في الحياة، واتطلع الى تكريمه في مسقط رأسه اما بتسمية احد الشوارع او الميادين باسمه مع عقد ندوة في اللجنة الثقافية بالمجمعة عن حياته واعماله الجليلة، وتسمية المعهد الفني الذي اشاد مبناه باسمه تخليداً للإيجابية في العطاء او مركز الهلال الاحمر وهي شهادات للتاريخ فقط يحسن بالمجتمع ان يتبناها حتى نحقق التنافسية الخيرية في العطاء لكي نرى في المجتمع رموزاً اخرى رائدة وفاعلة ومؤثرة، ونسأل الله ان يجزيه خير الجزاء عما ساهم به من العطاءات لوطنه ومدينته، وبما قدم من الاحسان للمحتاجين وبما رسم به البسمة على شفاههم ومسح الدمعة من عيونهم بقضاء حاجاتهم، وأسال الله له الشفاعة يوم القيامة فقد ورد عن نافع بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قضى لأخيه حاجة كنت واقفاً عند ميزانه فإن رجح، وإلا شفعت له.. كما ارجو الله سبحانه وتعالى ان يجعل ما اصابه من مرض رفعة لدرجاته وتكفيراً لسيئاته وان يحشره مع الصديقين والصالحين والشهداء وان يجعل الخير مستمرا في عقبه، والعزاء لوالد الجميع ومورثه الفضل والاحسان ولابنه سامي وبناته واخوانه واسرته واصدقائه الذين ورد الحق عليهم باستدامة ذكره والدعاء له والصدقة عنه.