كان الدكتور محمد عبده يماني عليه رحمة الله بابه مفتوح في مبنى دلة، يسعى إليه ذوو الحاجات، وكان رجلاً سمحاً كريم الاستقبال لكل الأطياف بلا استثناء، لا يسمع منه ما يكره قاصده يقضي ما وكل إليه أن ينفق في سبيل الله، وقضاء حاجات الناس تمارس في سرية، فهو بار بأولئك وهؤلاء من الذين يقصدونه فيوجه جاهه لدى المسؤولين في الدولة رجاء العفو واستجابة الرجاء، وكان يقابل بالتقدير لمكانته كمواطن صالح يسعى في الخير ويعمل له، ولن أذهب بعيدا إذا قلت إنه رجل محبوب لأنه فاضل ويعمل للخير ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.. والزائر يرى في الساحة التي خارج مكتبه أولئك القاصدين العون عبر بوابة الخير التي فتحها صاحب دلة الشيخ صالح كامل وفقه الله، واختار لمبرته رجلاً خليقاً لما اختير له، أدب وحسن مقابلة وسماحة خلق وطيب نفس، إنه توفيق الله تعالى وفضله. معرفتي بالرجل الفاضل محمد عبده يماني بدأت منذ توليه وزارة الاعلام ، والكتاب والإعلاميون يعرفون الوزير بحكم ممارساتهم الكتابة، وعرفوه أكثر حين خالطوه، فرأوا فيه البساطة والسماحة وأدب الخطاب وصدق الحديث، فيه بشاشة ذوي الخلق العالي القليل في حياتنا المعاصرة..والدكتور يماني رطب الله ثراه يحبه كل من يخالطه في اسلامه ووده وسيرته العطرة، وجانب آخر مهم هو محبته لآل بيت النبوة، حتى إنه كتب مؤلفاً: علموا أولادكم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وهذا التوجه الغالي ما أكثر مكاسبه، لأن حب خاتم رسل الله عليه السلا وآل بيته يقود إلى الجنة، ومن منا لا يتمنى ذلك والقرب من الذي أثنى عليه خالقه بقوله:»وإنك لعلى خلق عظيم».. والسعيد منا من أحب رسوله صلى الله عليه وسلم وآل بيته عليهم رضوان الله، وهذا التوجه يقود إلى جنات عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، ومن روافد التقوى في صدارتها محبة خير خلق الله وآل بيته، ومما لا شك فيه أن كل من يريد لنفسه الخير وأن يكون رفيقاً لصاحب الحوض يومئذ أن يحب صاحب الرسالة الخاتمة عليه أزكى الصلوات والتسليمات.. وحين نقرأ قول الله العلي القدير: «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم».. وحين نبحث عن محاسن الراحل العزيز نجد الخير العميم الذي يقود إلى جنات النعيم المقيم..هكذا رأينا تلك الخصال الحميدة، ومنها بجانب الخلق الدمث والسماحة والقرب من الناس بعامة، وأنه عمل الكثير في شؤون الناس وقضاء حاجاتهم المتعددة الأوجه، ونقرأ قول خاتم رسل الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن لله عباداً اختصهم الله بقضاء حوائج الناس أولئك الآمنون يوم القيامة».. من منا لا يريد لنفسه الخير في الغد: أن يكون من الآمنين».. اللهم اجعلنا منهم ومعهم.. تلك واحدة ادخرها فقيدنا عليه شآبيب رحمات ربه الغفور، والأخرى محبة الله ورسوله، وكان الفقيد ديدنه حب سيد الخلق وآل بيته، وليس الإيثار لنفسه وحدها، ولكنه كان ينادي بمحبة رسول الله وآل بيته، لأنه يحب الله ورسوله وآل بيته، فهنيئاً له بهذا الثراء الذي هو بغية كل من أراد لنفسه البر.. ثم إن فقيدنا الكريم لاقى ربه في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة وصلى عليه آلاف من المسلمين في المسجد الحرام.. أمنية يتطلع إليها باغي الخير، إننا نرفع الأكف إلى الله في علاه أن يحسن ختامنا وأن يتجاوز عن سيئاتنا وأن يتوفنا مع الأبرار، وأن يتغمد فقيدنا الغالي برحماته التي وسعت كل شيء، وأن يوفق صاحب دله لكي يضع من يخلف الدكتور محمد عبده يماني في ذلك الباب الذي ألفه الساعين إلى العون ليمتد أبواب الخير والعطاء، وأن يشعر الساعون إلى ذلك الباب المفتوح وسمو الخلق في مقابلة القاصدين ذوي الحاجة، ليستمر العطاء والسخاء عبر سماحة وخلق سجيح ، رجل من آل البيت في المدينةالمنورة كان في المدينة يحسن إلى الناس سراً إذا سجا الليل يحمل إلى المحتاجين الارزاق يضعها أمام بيوت المساكين ولا يعلم بذلك إلا علام الغيوب، وحين توفي ذلك الرجل البار توقف المدد، فعلم أولئك الذين كان يسعى اليهم برزقهم هو فلان من آل البيت عليه رحمات ربه الذين يحرثون للآخرة.. وإن كان ليس بالإمكان أن يتكرر سمت ذلك الرمز. وإلى الله ترجع الأمور.. ودعوات حري وترحم بلا حدود لتلك النفس الرفيقة الوادعة البرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله..