جُبلت النفوس على حب من أحسن اليها، والميل الى من يسعى في قضاء حاجاتها، ولذلك قيل: أحسن الى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الانسان احسان ومن خلال ذلك قال صلى الله عليه وسلم: (من ولاه الله شيئاً من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة) فالوظيفة مجال خصب لكسب قلوب الناس وتبليغهم دعوة الله. واليوم اتحدث عن انسان تربى على الانسانية ونهل من معين والده الذي انتقل الى الرفيق الأعلى قبل عدة سنوات.. يعشق فعل الخير ويساعد على تفريج كربات الفقراء والمحتاجين بدون ان يكون له سابق معرفة بهم، ويحرص على مد يد العون لهم. لقد سمعت من الكثيرين ممن يدعون له في ظهر الغيب ويشيدون بمواقفه الانسانية وقل ان نجد من يقدم تلك المساعدات لمن يحتاجها.. انه الدكتور الانسان كمال بن عبدالعزيز كردي مساعد مدير مستشفى الملك عبدالعزيز بحي الزاهر.. هذا الطبيب الذي يحمل قلباً حنوناً ومواقف انسانية لا تنسى، أكتب اليوم عنه مع العلم بأنه لا يرغب أن يمدحه أحد أو يشكره احد، بل نجده محتسباً بما يقوم به عند رب الأرباب. أحبتي ان الاحسان وخدمة عباد الله والسعي في قضاء حوائجهم وحل مشاكلهم من العبادات الكبرى بحسب نظر الاسلام مع أنه ومع الأسف الشديد يغفل اكثر المسلمين عن ذلك نتيجة لعدم معرفتهم الصحيحة للإسلام ولا يعتبرون امكانية حصول العبادة والسير والسلوك الا في الصلاة والصيام والزيارة والدعاء والاذكار والاوراد.. فخدمة الناس من الاداب الاسلامية حيث قال سيد البشر صلى الله عليه وسلم (أيما مسلم خدم قوماً من المسلمين الا اعطاه الله مثل عددهم خداماً في الجنة) كما أن قضاء حاجة امرىء مؤمن احب الى الله من عشرين حجة كل حجة ينفق فيها صاحبها مائة ألف. وأود أن اشير هنا الى أن والده الدكتور الراحل عبدالعزيز كردي (رحمه الله) كان صديقاً حميماً للوالد رحمة الله عليهما جميعاً منذ 1393ه عندما ترك العمل الحكومي بعد مدة حافلة بالعطاء والانتاج والمعاملة الحسنة وذلك ليتفرغ لأعماله الخاصة. وقد كنت أذهب مع والدي رحمة الله عليه الى عيادة الدكتور عبدالعزيز كردي الواقعة في حي العتيبية ذلك الحي الشعبي المكتظ بالسكان وكنت اشاهده عندما كنت احضر عيادته مع الوالد كيف كان يراعي مستوى الدخل عند جميع مختلف الفئات.. وهذه الصفة الحسنة والانسانية اقتدى بها ابنه الدكتور كمال وسار على نهج والده في مد يد العون للضعفاء والمساكين والأرامل والمحتاجين بدون تحديد جنسية هؤلاء المرضى، وبالمناسبة لقد تلقيت العديد من الاتصالات التي كانت تحمل في طياتها الشكر والتقدير للدكتور الانسان كمال كردي على مواقفه الانسانية التي ترعرع عليها منذ نعومة أظفاره.. بل كنت احضر اليه واشرح له ظروف بعض المرضى المادية من خلال عملي الصحفي فكان يردد دائماً (ارسل المريض فما عند الله خير وابقى) وهي نفس العبارة التي كان يرددها والده الدكتور عبدالعزيز عندما كنت ازوره في عيادته لمساعدة المحتاجين والمعوزين لدرجة انه كان يوفر العلاج لمن لا يستطيع شراءه. فليعذرني اخي الحبيب الدكتور كمال على ما ذكرته عنه لأنه يقول لي دائماً (ما أقدمه لمثل هؤلاء المرضى هو سر لا أريد ان يطلع عليه احد فدائماً ما يقول : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة) وقوله صلى الله عليه وسلم (من سره ان ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه) وارجو السماح على كشف السر وهذا قليل من كثير أحبتي لا يدري الانسان لعله بدعوة صادقة صالحة ممن فرجت كربته واعتقت رقبته .. ولله در الشاعر الذي يقول: الناس بالناس ما دام الحياة بهم والسعد لاشك تارات وهبات وأفضل الناس ما بين الورى رجل تقضى على يده للناس حاجات لا تمنعن يد المعروف عن أحد ما دمت مقتدراً فالسعد تارات قد مات قوم وما ماتت مكارمهم وعاش قوم وهم في الناس أموات همسة: (الله إذا أحب عبده حبب فيه خلقه).