انطلاق البرنامج التدريبي والتأهيلي ل "هاكثون التحوّل"    لاندو نوريس يتصدر التجارب الثانية بجدة وتسونودا يتعرض لحادث    انتهاء مهلة تخفيض المخالفات المرورية بنسبة (50%) وعودتها إلى قيمتها الأساسية    السعودية تنهى مشاركتها في ألعاب القوى الآسيوية ب"5″ ميداليات    انطلاق جائزة السعودية الكبرى stc للفورمولا 1 بجدة    القادسية يكسب النصر بثنائية في دوري روشن للمحترفين    «سلمان للإغاثة» يختتم الأعمال المتعلقة بتوزيع الأبقار على أمهات الأيتام والأرامل بسوريا    المملكة تدشّن مشاركتها في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالمغرب 2025        القبض على 4 يمنيين بمكة لارتكابهم عمليات نصب واحتيال بنشر إعلانات حملات حج وهمية    عبدالله السلوم البهلال مدير تعليم عسير الأسبق في ذمة الله    إنتر ميلان يعلن إصابة مهاجمه قبل مواجهة برشلونة المرتقبة    قطاع وادي بن هشبل الصحي يُفعّل عدداً من الفعاليات    إدارة الأمن السيبراني بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف تحصل على شهادة الآيزو    بلدية البصر تطرح فرصة استثمارية في مجال أنشطة الخدمات العامة    جمعية المودة تدشّن "وحدة سامي الجفالي للتكامل الحسي"    وزارة التعليم تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية القيادات الكشفية    القائد الكشفي محمد بن سعد العمري: مسيرة عطاء وقيادة ملهمة    صيد سمك الحريد بجزر فرسان .. موروث شعبي ومناسبة سعيدة يحتفي بها الأهالي منذ مئات السنين    ٢٤ ألف زائر وأكثر من 4 آلاف اتفاقية في منتدى العمرة    محافظ الطائف يستقبل مدير عام الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    «حرس الحدود» بينبع يحبط تهريب (3.6) كجم "حشيش"    نائب أمير الشرقية يعزي أسرة الثميري في وفاة والدتهم    خطباء المملكة الإسراف في الموائد منكر وكسر لقلوب الفقراء والمساكين    وفاة الفنان المصري سليمان عيد إثر تعرضه ل"أزمة قلبية"    روبي ويليامز: طلبات التقاط الصور الذاتية تصيبني ب «الذعر»    إمام المسجد الحرام: الدنيا دار ابتلاء والموت قادم لا محالة فاستعدوا بالعمل الصالح    موعد مباراة الاتحاد القادمة بعد الخسارة أمام الفتح    خالد بن محمد بن زايد يشهد حفل افتتاح متحف "تيم لاب فينومينا أبوظبي" للفنون الرقمية في المنطقة الثقافية في السعديات    إمام المسجد النبوي: التوحيد غاية الخلق وروح الإسلام وأساس قبول الأعمال    وزارة الرياضة ومجمع الملك سلمان للغة العربية يطلقان "معجم المصطلحات الرياضية"    تعاون بناء بين جامعة عفت واتحاد الفنانين العرب    محافظ صامطة يلتقي قادة جمعيات تخصصية لتفعيل مبادرات تنموية تخدم المجتمع    جامعة شقراء تنظم اليوم العالمي للمختبرات الطبية في سوق حليوة التراثي    إعاقة الطلاب السمعية تفوق البصرية    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية    مجلس الأمن يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة في السودان    مرصد حقوقي: المجاعة وشيكة في غزة ومليون طفل يعانون سوء تغذية حاد    رسوم ترمب الجمركية ..التصعيد وسيناريوهات التراجع المحتملة    تشيلسي الإنجليزي يتأهل للمربع الذهبي بدوري المؤتمر الأوروبي    قتيلان في إطلاق نار في جامعة في فلوريدا    في توثيقٍ بصري لفن النورة الجازانية: المهند النعمان يستعيد ذاكرة البيوت القديمة    وزير الدفاع يلتقي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني    نائب أمير منطقة جازان يضع حجر أساسٍ ل 42 مشروعًا تنمويًا    معرض اليوم الخليجي للمدن الصحية بالشماسية يشهد حضورا كبيراً    24 ألف مستفيد من خدمات مستشفى الأسياح خلال الربع الأول من 2025    تجمع القصيم الصحي يدشّن خدمة الغسيل الكلوي المستمر (CRRT)    مشاركة كبيرة من عمداء وأمناء المدن الرياض تستضيف أول منتدى لحوار المدن العربية والأوروبية    قطاع ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "التوعية بشلل الرعاش"    يوم الأسير الفلسطيني.. قهرٌ خلف القضبان وتعذيب بلا سقف.. 16400 اعتقال و63 شهيدا بسجون الاحتلال منذ بدء العدوان    5 جهات حكومية تناقش تعزيز الارتقاء بخدمات ضيوف الرحمن    "التعليم" تدشن مشروع المدارس المركزية    بقيمة 50 مليون ريال.. جمعية التطوع تطلق مبادرة لمعرض فني    معركة الفاشر تقترب وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية.. الجيش يتقدم ميدانيا وحكومة حميدتي الموازية تواجه العزلة    الاتحاد الأوروبي يشدد قيود التأشيرات على نهج ترامب    القيادة تعزي ملك ماليزيا في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    قيود أمريكية تفرض 5.5 مليارات دولار على NVIDIA    قوات الدعم السريع تعلن حكومة موازية وسط مخاوف دولية من التقسيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على ضوء حادثة نفق النهضة.. لماذا أصبحت العلاقة مضطربة ومعقدة بين الفتاة والشاب؟
فتيات وشباب يعبرون عن آرائهم في قضايا التحرش والمعاكسات
نشر في الرياض يوم 20 - 10 - 2005

لو حدثت أي شاب من شباب الرياض عن تجربته الخاصة والسرية مع المعاكسات فسيسرد لك بسهولة بعض المواقف التي حصلت له في سوق أو حديقة أو حتى في مستشفى.غالبية شبان الرياض استاؤوا بشكل كبير من حادثة نفق النهضة القبيحة، ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد حوادث تحرش ومضايقة تحدث في كل يوم. قد لا تكون بسوء حادثة نفق النهضة ولكنها تظل اعمالاً سيئة أيضا.الشيء المريع هو أن أي شاب في هذه الأوقات السيئة للمعاكسات الفظة سيشارك بتلويحة رقم وعينين ترسل نظرة شهوانية إحتقارية.
شيء يبدو في هذه العلاقة منتهكا بشكل كبير وهي المرأة. في هذه اللحظات يمكن أن تسقط كل الشعارات التي يرددها المجتمع عن القيم التي تحافظ على كرامة المرأة وتحترمها لتعرف من حركات الشباب الشهوانية والبذيئة (تذكروا حادثة نفق النهضة وغيرها كثير) الطريقة الحقيقية التي يتم النظر فيها إلى النساء. أنها شيء منتهك تماما وضعيفة وبدون أي قيمة.
يقول الكاتب والباحث في الشئون الإسلامية الأستاذ عبدالله بن بجاد العتيبي: (الوضع عندنا في السعودية غريب جدا ولا مثيل له لا بالواقع ولا التاريخ. الأوضاع الشاذة يجب ان تخرج أوضاعاً شاذة في التصور عن الطرف الآخر في طريقة التعامل معه. في كل العالم علاقة الرجل بالمرأة علاقة طبيعية قائمة على الانجذاب والانشداد ولكن ما يحدث لدينا أمر غير طبيعي).
في أماكن المعاكسات يمكن ان تتعرض المرأة لأي شيء من اجل ان تتجاوب ولدى الشباب الكثير من الوسائل التي سيستخدمها والتي قد تصل في النهاية إلى درجة العنف والمضايقة التي قد تصدر من رغبة عدائية وإنتقامية بقدر ماهي شهوانية.
في فترة التسعينات كانت مثل هذه المظاهر منتشرة في كل مكان تقريبا حتى في البراري. كان يمكن ان تشاهد شارعاً متعطل الحركة ليس بسبب حادث أو اعمال صيانة ولكن لأن شباباً متنمرين اعترضوا سيارة السائق الاندونيسي والمزدحمة بالفتيات وبدأوا بالطرق على زجاج السيارة حتى يؤخذ منهم الرقم. في مرات اكثر عدائية يتم فتح الأبواب والركوب في السيارة بجانب الفتيات. يمكن ان تشهد مواقف مثل اشتباكات بين الشباب بسبب محاولة كل منهم سباق الثاني على كسب ود البنات وتبدأ بعد ذلك مشاكل عنيفة تؤججها مشاعر الفحولة والرجولة التي تتضخم في مثل هذه المواقف ويعتقد كل شاب انه اكثر رجولة من غيره من الشبان.
من الواضح ان هذه الأفعال كانت سائدة بسبب الصعوبة البالغة التي يتم فيها التواصل مع الفتاة أو بعبارة أكثر شعبية (ترقيمها). الآن هناك الكثير من الوسائل التكنولوجية التي سهلت مثل هذا الشيء. هناك محادثات الشات وغرف الماسنجر وأخيرا البلوتوث وهي جعلت الشبان أكثر نعومة. إلا أنها قامت في الحقيقة بشيء أشبه بالترويض الذي سيتوقف إذا لم تعد تلك الوسائل مجدية ليرجع الشاب لطبيعة وحشية قاسية ربما ليست مثلما حدث في نفق النهضة التي أبدى الكثير من الشباب استياءهم الشديد منها والتي كانت تعبر في جزء مهم منها عن دناءة في نفسيات الشخصيات التي اقترفتها ولكن إلى ممارسة سيئة جدا تعبر بوضوح عن الاضطراب الحاصل في العلاقة بين المرأة والرجل والفتاة والشاب في السعودية.
قبل أربعة عقود كانت علاقة المرأة بالرجل لا تشكل أي أزمة لأي طرف وكان الجميع يعبر عن مدى إرتياحه منها. أسأل أي من العجائز وكبار السن ليقول لك بعض الذكريات اللطيفة عن تلك العلاقات. يقول عبدالله بن بجاد العتيبي: (الوضع لدينا بالنسبة لعلاقة المرأة بالرجل كانت قريبة مما حدث بالسيرة النبوية كانت المرأة تصنع وتبيع في الأسواق وتتحدث مع الرجال بدون حواجز وسواتر. كان الرجل دائما يجد المرأة أينما ذهب وهي كذلك)، ربما لا تصدر هذه التصرفات من موقف ثقافي واضح إلا انه وضع طبيعي ومريح ولكن كل المواقف الثقافية التي تم التأسيس لها بعد ذلك خلقت علاقة مضطربة ومريضة تربط الجنسين ببعض.
يقول الدكتور محمد بن زلفة: (مثل هذا الفهم أدخل علينا قبل ثلاثين عاماً. الخطابات السائدة كانت تصور المرأة على انها الخطر والموت والشيطان المغري. أوكل الأمر إلى فئات محددة هي التي رسمت طبيعة العلاقة وصورت الرجل على انه ذئب وان الفتاة صيد سهل فتم إبعادهم عن بعضهم. الآن كل طرف متوحش من الآخر ويرسم عنه مفاهيم خاطئة، وكما نرى تتصاعد في كل يوم مشاكل التحرش والمضايقات. يجب أن نجتمع لنحل هذه الاشكالية الكبيرة).
يقول عبدالله: (في بداية السبعينيات وبداية بروز الصحوة الإسلامية ظهرت قوانين جديدة لتعامل الرجل مع المرأة. العلاقة السابقة كانت إنسانية ولكن مع هذه التغيرات الجديدة بدأت المرأة تدخل خلف جدار حديدي وتم تصويرها على انها عنصر سيء يدعو للفتنة. لذلك يجب ان يبقى في سجن يتحرك بداخله.لا يوجد أي مبرر شرعي أو عقلي أو إنساني يبيح ذلك ولكن المواقف الصحوية وليست الإسلامية هي التي بدأت تتحكم بالعلاقة. تم ترويج صورة جديدة للمرأة تتميز بمواصفات جودة ليس لها علاقة بالدين وبدأ هذا النموذج ينتشر وخلال فترة طويلة جدا من ترسيخ هذا النموذج أصبحت المرأة التي لا تتقيد بمواصفات الجودة الصحوية تظهر بصورة المرأة غير المتدينة ولا المحتشمة والتي تبذل نفسها لمن تريد).
الشيء الخطير في هذا الأمر هو ان هذا التصور شائع جدا ومكتسح لدرجة لا يوجد هناك أي تصور ينافسه، حتى الكبار أصبحوا ينظرون للمرأة هذه النظرة المشوهة وغير الإنسانية. الكثير من الشباب الذين يبدون ناصحين يمكن ان يقعوا في ذات الأمر لأنهم لا يملكون أي طريقة أخرى راسخة يمكن أن تجعلهم مختلفين. لا يوجد هناك روادع حقيقية اخلاقية أو ثقافية يمكن أن تجعلك تفكر ولو لحظة ان تنسحب في أوقات طائشة يمكن ان تصدر فيها أفعال سيئة وتفتقد للإحترام في التعامل مع المرأة. عبدالله الزيد شاب دمث الأخلاق ويتحدث بصوت خفيض دائما. يقول لي عبدالله أنه يجب أن لا تجعل هذه المظاهر تخدعك ويضيف: (هناك شيء غير مفهوم بشخصيتي. أنا في الحقيقة هادئ ولكن انجرف كثيرا في لحظات الطيش خصوصا إذا كانت في المعاكسات. عقلي يصبح مستهتراً وأقوم بترديد الكثير من الكلام
غير اللائق. عندما يتوقف كل هذا اعود لطبيعتي وأستغرب ان يصدر مثل هذه التصرفات مني ولكني اعود مجددا للقيام بمثلها). ولكن في الحقيقة هناك الكثير من الشبان الذين لا يبدون أي ندم على افعالهم. يقول الدكتور ابن زلفة: (الشباب في حادثة النفق لم يكتفوا بالقيام بفضيحتهم ولكنهم قاموا بتصويرها على أنها بطولة. كل كلامنا الذي نردده على أن اننا مجتمع يحترم المرأة ويحافظ على كرامتها وعفتها أين ذهب؟! ولماذا لم يجعل هؤلاء الشباب وغيرهم كثير يبدون أقل احتراماً للمرأة. في الحقيقة أن هؤلاء الشباب ترجمة لثقافة الذئاب والغزلان والزيت والنار. يقول الأستاذ عبدالله بن بجاد إن مثل هذا الخطاب الذي رسخ نظرة معينة عن المرأة غير المحتشمة وغير المتدينة بسبب أنها لم تلتزم بالمواصفات الصحوية جرأ بعض الشباب المتهور على ارتكاب هذه الجرائم بحقها وستستمر هذه الجرائم إذا لم نتصد للمعالجة.
من الواضح أن هناك حالة ذهنية غير متوازنة يجتمع فيها الكثيرون وهي تتزايد بشكل سريع جدا وتنتقل بسرعة إلى المراهقين الذين يقلدون أخوتهم الكبار.
.في دبي والقاهرة وبيروت ستلاحظ مثل هذه الذهنية في المطاعم ودورالسينما والمجمعات التجارية وستعرف أن هؤلاء الشباب من السعودية إذا شاهدتهم يتضاحكون ويتهامسون إذا مرت بقربهم فتاة ترتدي بنطلون جينز.
عدد من شبان وشابات الرياض لهم آراء مختلفة حول هذا الامر. عبدالعزيز الخلف (24عاماً) يقول: (علينا ان لا نلقي كل هذه التهم على شباب الرياض. حادثة النهضة لا تمثلهم ابدا. تلك افعال صادرة من شباب سيئين فعلا وانا اعرف الكثير من الشبان الذين يتمتعون بمروءة لا يقبلون مثل هذا الكلام. نعم هناك الكثير من الغزل يحدث في الأسواق والحدائق وعلى الأرصفة ولكن هذا موجود في كل انحاء العالم. انا ذهبت إلى أماكن كثيرة في العالم وشاهدت مثل هذه الأشياء تحدث يجب ان لا نعمم الأحكام هنا).
تركي النوح (25 عاماً) يخالف عبدالعزيز في الرأي ويرى ان الأوضاع في المناطق المغلقة تبدو أكثر هيجانا: (صحيح أن هناك معاكسات وتبدو هذه طبيعة بشرية في الإنسان. سواء كانت جيدة أم سيئة فهي ستظل موجودة. أنا أسافر في السنة مرتين أو ثلاث مرات واشاهد ما يحدث في الخارج. في دبي وعلى الرغم من ان النساء بدون حجاب ويظهر بعضهن بلباس عار إلا أني لم أر ولا مرة واحدة مشهد غزل. هنا شاهدت الكثير الكثير وبعضها يصل إلى درجة منحطة جدا وغير أخلاقية. أعتقد اننا نفتقد كثيرا لفهم العلاقة بين الرجل والمرأة ونعتقد انها يجب ان تكون بين ذئب وفريسته وليس علاقة يمكن ان تصبح طبيعية لذلك التواصل معها يمكن ان يكون طبيعيا).
عضيب الشمري (32 عاماً) له رأي أكثر وضوحا في هذه القضية. يقول: (أعتقد أن المشكلة مشكلة مجتمعات منغلقة ومجتمعات منفتحة. كلما زاد إنغلاق المجتمع تأزمت العلاقة بين الرجل والمرأة وكلما انفتحت أصبحت مرنة ومتوازنة وستتعامل مع النساء كبشر وليس كمثيري غرائز. أذهب إلى مكان قليل الانفتاح ستجد الكثير من المشاكل بهذه الخصوص ولكن أذهب إلى مكان أكثر انفتاحا ستجد الرجل يسير على الرصيف بجانب المرأة ولا يلتفت لها وعد بذلك إلى هنا وفي مستشفى ستشاهد الكثير من المرضى المتكدسين في أحد الممرات في انتظار ادوارهم يحرقون أي أمراة تمر من جانبهم من فوق ومن تحت. يجب ان تكون لدينا ثقافة تحترم المرأة وتنظر لها كإنسانة ولذلك سنتخلص ليس من كل المشاكل فهذا امر غير طبيعي ولا يوجد في أي مجتمع ولكننا سنتخلص من الكثير من المشاكل المحرجة).
صالح المانع (33 عاماً) لا يتفق أبدا مع مثل هذا الكلام ويعتبر أن زيادة جرعات الوعي الديني والخوف من الله ستقي المجتمع من هذه المظاهر السيئة ويضيف: (أعتقد أن الأسلوب المتبع في التعامل مع مثل هذه القضايا لم يكن خاطئا بل أصبح صغيرا. المجتمع السعودي يأتي في المرتبة الثانية بعد المجتمع الفلسطيني في التكاثر السكاني ولا يمكن ان يتم تطبيق قوانين صارمة على تصرفات صغيرة وخاطفة كالغزل. أعتقد أن التثقيف الديني القائم على الخوف من الله في السر والعلن سيساعدنا كثيراً في حل هذه المشاكل ولكن هذا لا يعني أن لا يتم تزويد أجهزة مثل الهيئة برجال أكثر وتجهيزات اكبر).
يبدو الشباب بالفعل ممزقون حول هذا الرأي. بعضهم يوافق وبعضهم يعترض ولكنه في الغالب يكون اعتراضاً له دوافعه الشخصية وليس قناعات عميقة يمكن أن ترسم لها رؤية واضحة، إلا أن هناك فئات عريضة من الشباب تضع جزءاً من الحق على الفتيات لأنها احد الأطراف الذي لن يكون بغير تفاعله وجود لهذا الأمر. ولكن هل الفتيات يقمن بدور حقيقي لإشعال مثل هذه القضايا. يقول فيصل الهرماس: (لنعترف أن الشباب هم دائما من يتحرش بالفتيات ولكن علينا التفكير بواقعية فالفتيات لم يعدن مثل السابق والأكيد انك لن تستطيع أن تسمي فتاة تضحك بصوت عال وتلفت الانتباه في السوق بلبسها ومشيتها بالقارورة التي يجب أن ترفق بها. الشباب مذنبون والبنات أيضا). من الواضح أن هناك نمواً مشوهاً لحرية الفتيات وهو امر طبيعي لأنه نمو يكبر بشكل خفي وفي مناخ خائف ويفتقر للوعي. هناك فرق بين الثقة والتبجح وغالبية الفتيات يعتقدن انهن حرات في الوقت اللاتي يظهرن فيه بشكل متبجح فعلا. ستشاهد الكثير من الفتيات اللاتي يتصرفن بشكل أرعن وهن يرفعن أصواتهن ويتضاحكن في اماكن غير مناسبة وهذا أمر يفتقر للذوق. ما اود قوله هنا ان ثمة شيئاً خاطئاً يحدث.
ترى نوف س (27 عاماً) أن الحق لا يقع على الفتاة أبدا لأنه تبدو مغيبة تماما من ساحة الحياة لدينا وتضيف: (الفتاة بالفعل غائبة عما يحدث في البلد. إنها شخص معد للاستقبال فقط لذلك لا يمكن ان تبدأوا بلومها إذا كانت اكتسبت مفاهيمها من شاشات الفضائيات وساحات الانترنت. أعتقد أن لدى الفتاة وعياً بشكل خاطئ ولكن هذا ليس ذنبها وللأسف هذا يتوافق مع لا وعي الرجال أنفسهم. لا يعقل ان يطلب الرجل من المرأة ان تذهب إلى السوق وكأنها رجل آلي ولا تضحك ولا تتحدث مع صديقاتها ولا تمازحهن ولكن كل هذه يعتبرها الرجال الشهوانيون إشارات لاستقطابهم).
ترى بدرية م (22 عاماً) بأن الفتيات يتحملن خطأ كبيراً جراء ما يحدث وتضيف: (أصبحت الفتيات في السنوات الأخيرة يسلكن سلوكاً استعراضياً نما مع مرور الزمن ويمكن أن تلاحظه بسهولة في المشي واللبس والتصرفات وهذه أمور تجلب أي شاب طائش. أعتقد ان الفتيات لو توقفن عن لبس عباءات مثيرة وأصبحن جديات في مشيتهن فسيتوقف الكثير من الشبان عن مطاردتهن. أعتقد أن الفتيات يفتقرن للوعي الكافي).
ترى مها ش (35 عاماً) وهي مدرسة إن هذا الوعي يجب أن يكون متشكلاً من تعاليم الدين الإسلامي، الدين حدد بوضوح الأماكن التي يجب أن يكون فيها الجنسان ولا يتعديانها: (للأسف لم يعد أحد يفكر بتعاليم الإسلام ويلتزم بها بشكل حقيقي. طالباتي طيبات ولكنهن أنجرفن كثيرا بسبب القنوات الفضائية. قبل مدة وجدت صورة لأحد المغنين في داخل كتاب أكثر الطالبات عندي ذكاءً وهدوءا. فكرت بعدها كيف سيكون بقية الفتيات؟!. إن العمل الذي يجب التركيز عليه ليس الأفكار التي تطرح في وسائل الإعلام بين فترة وأخرى مثل المطالبة بقيادة المرأة للسيارة ولكن التركيز على الجانب الديني في شعور الطالبات واللاتي أصبحن لا يشاهدن إلا الاغاني والمسلسلات).
تبدو هذه القضية معقدة ثقافيا و تنطوي على تراكمات من الديني الملتبس بالعادات والتقاليد. وفي كل الحالات يجب أن نبحث عن حلول لنهدىء من هذه المظاهر القبيحة والتي تظهرنا لكل العالم وعبر جوال الكاميرا بهذا الشكل غير المحترم. هل أثبتت الطريقة القديمة فشلها؟!. ولكن الكثير من الذين علقوا على قضية فتاة الباندا ونفق النهضة كانوا يتحركون في النهج الذي تتبناه. مزيد من العقوبات والصرامة والتهييج العاطفي تجاه علاقة المرأة مع الرجل وهم يرون ان هذه طريقة مناسبة جدا - رغم انها لم تنجح لحد الآن- بتخليص المجتمع من أمراضه. ولكن هناك من لهم رأي مختلف في ذلك ويرون أن تبني علاقة أكثر إنسانية بين المرأة والرجل سيساعد على التعاطي الطبيعي مع هذه القضية التي لن تصبح ابدا مشكلة ويدللون على ذلك بالكثير من دول العالم التي تسمح بوجود علاقة للرجل مع المرأة.
يقول الدكتور ابن زلفة: (أعتقد أننا بحاجة إلى قانون صارم وواضح يقرأه كل الشباب والشابات والآباء والأمهات.ونحن أيضا بحاجة إلى تربية ثقافية ودينية ووطنية ترسخ لقيم جديدة.أعتقد ان العزل المطلق وعدم وضع الامور على طبيعتها سبب لنا مشاكل كثيرة. يجب أن نتعامل مع المرأة على انها إنسانة عادية لها وظيفة في هذه الدنيا تكمل وظيفة الرجل.ثقافة إنسانية هي فقط التي ستساعدنا)
في الواقع اي حل سيساعدنا سيكون حل مناسب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.