تطوف بذاكرتي مواقف رياضية عندما كنت أحد المسؤولين عن الرياضة في وزارة الحرس الوطني ومع ذلك البناء الشامخ (النادي الرياضي) الذي يعتبر مدينة رياضية بما يضمه من مواقع وما يحتوي من ملاعب مكتملة لأكثر الألعاب الرياضية الجماعية والفردية يقوم عليها نخبة من المدربين المصريين الأكفاء تحت رئاسة وإدارة صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز الذي كان يشغل آنذاك مدير الإدارة الهندسية والشؤون الرياضية وكنت أعمل تحت رئاسته مديراً للملاعب الرياضية وإداري منتخبات الحرس الوطني، وفي عام 1397ه تبنى دوري الهيئات والمؤسسات الحكومية في كرة القدم والألعاب المختلفة وألعاب القوى والقوة وحصد الحرس الوطني كؤوس هذه المناسبة بمشاركة فاعلة من صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز الذي كان يشغل آنذاك مركزاً مرموقاً في مدارس الحرس العسكرية بصفته وتخصص العسكري برتبة ملازم أول وكان يشارك أحياناً لاعب كرة القدم قوي يجيد التهديف من مسافات بعيدة بقدمه اليسرى ويحمل فكراً هجومياً وليس خافياً على أحد أن الأمير خالد كان لاعباً أساسياً في النادي الأهلي بجدة ويلعب في خانة الوسط. بعدما حققنا الفوز في هذه البطولة توجهنا إلى مكتب رئيس الحرس الوطني آنذاك خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (أسكنه فسيح جنانه وجعله الله مع النبيين والصديقين والشهداء إنه سميع مجيب) للسلام عليه وتلقي المكافآت المالية كعادته في كل مناسبة يحقق فيها رجال الحرس الوطني أي إنجاز يضاف إلى سجل هذه المؤسسة العسكرية الشامخة التي يعمل رجالها بكل جد واجتهاد لتحقيق المقاصد المختلفة. عندما قابلناه يرحمه الله قرر لكل لاعب أربعة آلاف ريال ولأعضاء اللجنة الفنية سبعة آلاف ريال مكافأة مجزية في ذلك الوقت خصوصا وأنها تأتي من يد كريمة يقوم على هذا الصرح العسكري وما يحمله من قيمة وطنية كدرع قوي لحماية الوطن داخل وخارج أرجائه. الموقف الإنساني الذي سأذكره هو ضمن مواقفه التي لا تعد ولا تحصى عندما قال للأمير خالد (من هم الذين على يساري في المدرج ويقولون بص وشوف الحرس بيعمل أيه)، أسرعت وقلت هؤلاء مزارعون في النادي وعددهم أحد عشر من مصر الشقيقة جاءوا يشجعون فريق الحرس الوطني لكرة القدم في المباراة النهائية أمام معهد التربية الرياضية والتي فاز فيها الحرس بنتيجة 4-2 وكان الحرس الوطني يضم أكثر لاعبي المنتخب السعودي أمثال مبروك التركي و"الصاروخ" وخالد سرور ومحمد سعد وناجي عبدالمطلوب وغيرهم. وقد أمر يرحمه الله بصرف ثلاثة آلاف ريال لكل واحد منهم، وكان الراتب لكل منهم آنذاك 500 ريال في عام 1396ه، لا تتصوروا كيف كانت فرحتهم عندما أخبرتهم بهذه المكرمة العظيمة رحم الله ذلك الملك الذي أحب شعبه وأحبه شعبه نظراً لما يملكه من أسلوب شعبي وعطف وأبوية حانية وتلك الصفات من شخصيته التي يتسم بها في كل تعاملاته اليومية مع شرائح المجتمع المدني والعسكري وغيرهم وتواضعه الجم يجعلك تشعر وأنت بجانبه أنه أب حنون يستمع إليك وأنت تتحدث إليه ومن حسن حظي كنت على مقربة في مناسبات رياضية كثيرة مع الأبناء خالد ومتعب. لقد كان "أبو متعب" صاحب اهتمام بالرياضة فقد وافق على تأسيس أول مدرسة رياضية للناشئين كلفت بالإشراف عليها يتقاضى المنتمي إليها 300 ريال شهرياً مع الإشراف الصحي والرعاية المدرسية والمنزلية وتوفير وسائل النقل وكان ذلك عام 1395ه وقد تخرج منها الكثير منهم محمد المطلق حارس المنتخب السعودي السابق ودرويش لاعب النصر وغيرهم الكثير ممن لا تحضرني أسماؤهم. لقد أنجز في عهده المدن الرياضية في شتى أنحاء الوطن وآخرها 11 مدينة رياضية وهو دليل واضح على اهتمامه بالرياضة والرياضيين ولن أتحدث عن إنجازاته في المجالات الأخرى لأنه يصعب حصرها في هذه العجالة. رحم الله أبا متعب وجعل الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خير خلف لخير سلف وأن يديم علينا نعمة الإسلام والأمن والأمان وأن يوفق ولي العهد مقرن بن عبدالعزيز وولي ولي العهد محمد بن نايف لما فيه خيراً الأمة والإسلام إنه سميع مجيب. *أستاذ محاضر في قانون كرة القدم