في ظل عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز «عليه رحمة الله» سار قطار النجاح الرياضي بكل قوة نتيجة تلك السياسة الحكيمة التي رسمها وقام بتنفيذها الأمير فيصل بن فهد «تغمده الله بواسع رحمته» حتى تسيدت المملكة معظم البطولات الاقليمية والقارية وأصبحت (الجاذبية) العالمية هدفاً لنا ومناخاً ترتاح فيه أقدام شبابنا لنعطي للعالم صورة ولوحة رسمها العقل والفكر السعودي والذي تمثل في أول مشاركة لنا في بطولة كأس العالم في أمريكا عام 1994م. وهي مشاركة مستحقة تمثلت في تجاوز الدور الأول بعد لقاءات منتخبات قوية كهولندا والمغرب وبلجيكا وغيرها. وتوالت انجازاتنا أربع مرات متتالية بمتابعة دقيقة نستمدها من تلك التوجيهات الأبوية الدائمة والمستمرة من قائد نهضتنا المغفور له بإذن الله خادم الحرمين الشريفين الملك فهد. تلك التوجيهات والنصائح التي تسبق اللقاءات وحثه اللاعبين على التمسك بالدين الحنيف وتمثيل هذه البلاد بما يتفق ويتناسب مع ثقلها الدولي وخاصة وأنها بلاد الحرمين الشريفين ومن ثم فهي رائدة في مجالات أخرى كثيرة كالمجالات الاقتصادي والسياسي والصناعي والزراعي. ٭ كان رحمه الله لا يألو جهداً في تقديم كل ما تحتاجه الرياضة السعودية في مختلف الألقاب ولقناعته التامة بالأهمية جعل على هذا الصرح أكبر أبنائه الأمير فيصل (رحمه الله) لقناعته بقدراته المتعددة وجعل من سلطان الرياضة نائباً له وهذا أكبر دليل على اهتمامه الشديد بشباب هذه الأمة وأصبح لنا مراكز قوية في كل الاتحادات الدولية وخاصة (الفيفا) التي عقدت اجتماعاً ولأول مرة خارج المقر الرئيسي في سويسرا حيث تم عقد اجتماع للاتحاد الدولي لكرة القدم بالمملكة العربية السعودية وهذا بحد ذاته عرفان وتقدير لما تقدمه المملكة من نجاحات دولية وحيث أقر واعترف ببطولة القارات (بطولة الملك فهد للقارات) التي أصبحت الآن بطولة تتسابق الدول المتقدمة رياضياً للظفر بها لما لها من ثقل مادي ومعنوي تضاهي أكبر بطولات العالم (المقرة) من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي يعتبر أقوى اتحاد في العالم وتكمن قوته في قدرته على استيعاب بطولاته العديدة واشرافه على كل مسابقات كرة القدم واتصالاته بكل الاتحادات الدولية المحلية في جميع القارات وحسن التنظيم العلمي. ٭ بعد رحيل فيصل بن فهد ووالده خادم الحرمين الشريفين عليهما رحمة الله - تنتقل المسؤولية الرياضية الى مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي لا يقل عن سابقه في حبه للرياضة بدءاً بالفروسية والسباحة والرماية وشغفه بنجاحات كرة القدم. فقد كنت أحد مسؤولي الرياضة بالحرس الوطني منذ عام 1390ه عندما أوكل إلي تأسيس نادي الحرس الوطني في خشم العان آنذاك تحت رئاسة الأستاذ ناصر العجر كأول ناد نموذجي يضم ملاعب لكل الألعاب وصالات ضخمة تم افتتاحه من قبل المغفور له جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز عام 1394ه بعد أن أشرف مولاي خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز بنفسه على كل التجهيزات اللازمة في تلك البقعة الصحراوية التي لا يصدق العقل أن تكون في يوم من الأيام بهذه الصورة التي هي عليها الآن كبقعة خضراء عليها ناد نموذجي قل أن تجد مثله في العالم العربي. ٭ أذكر أن الحرس الوطني في عام 1397ه بعد أن أسندت المسؤولية الرياضية لصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز وقد تم تكليفي من قبل سموه مديراً لمكتب سموه الرياضي إضافة إلى اسناد مسؤولية الشؤون الهندسية لسموه وكنت أقوم أيضاً بوظيفة مدير الملاعب الرياضية في ذلك النادي الذي يقع في (خشم العان) حيث فكر سمو الأمير خالد في إقامة بطولة للهيئات والمؤسسات وخاطب تلك الهيئات والمؤسسات وتم الاتفاق على إقامة هذه البطولة في مدينة جدة وضمت كرة القدم السلة، وكان من ضمن أفراد فريق الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز رئيس الجهاز العسكري الآن بالحرس الوطني وكان لاعباً حقيقة يتميز بقوة القدم اليسرى وكنا نعتمد عليه في تسجيل الأهداف وخاصة في الكرات الثابتة. لكنه حماسي إلى حد أنه يبث الحماس بين اللاعبين حيث كان متواضعاً جداً يحب كرة القدم حباً جماً. ٭ بعد احرازنا لتلك البطولة، توجهنا لمولاي خادم الحرمين الشريفين في منزله العامر في (الحوية) بالطائف لنقدم له كأس البطولة حيث قام بتقديم صاحب السمو الملكي الأمير خالد حيث أنه يكبر الأمير متعب سناً. تقبله جلالته وأخذ يبدي بعض الملاحظات وخاصة في موضوع التعاون والتكاتف والمحبة وأشياء أخرى وأمر جلاته بإقامة دورة أخرى تضم أكثر الألعاب وخاصة أم الألعاب (ألعاب القوى) وفعلاً تولى الأمير خالد هذه المهمة وتم تنظيم تلك الدورة في نهاية عام 1379ه في مدينة الرياض حيث كانت المباراة النهائية بين الحرس الوطني ومعهد التربية انتهت بفوز الحرس الوطني بأربعة أهداف لهدفين حضرها خادم الحرمين الشريفين وسلم كأس بطولة القدم لكابتن فريق الحرس الوطني اعتقد أنه محمد سعد العبدلي. ٭ إن لهذه المباراة ذكريات لا يمكن أن أنساها أبداً حيث كانت تمثل لي كل شيء لأن سموه الكريم آنذاك سألني قبل المباراة بليلة واحدة حيث قال لي: (ها يا ابن موزان) بتفوزون؟! وأجبت: إن شاء الله. لقد تحقق أملي وفعلاً فزنا في كل الألعاب نتيجة تلك الرعاية وتلك الحكمة التي يتمتع بها صاحب السمو الملكي الأمير خالد ومعه أخوه صاحب السمو الملكي الأمير متعب وتلك الامكانات التي سخرت لتلك الدوة. وبعد النهاية توجهنا لمولاي خادم الحرمين الشريفين حيث كافأنا بما نستحق. أطال الله في عمره وأسبغ عليه ثوب الصحة والعافية وجميع أفراد الأسرة الكريمة. وندعو من الله سبحانه وتعالى أن يجعله خير خلف لخير سلف. {إنا لله وإنا إليه راجعون} *أستاذ محاضر في قانون كرة القدم