الحديث عن خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، ومكونات شخصيته، وخصائص تعاملاته وعلاقاته، يطول ويتشعب. والباحث في هذا المضمار لا يجد كثيرا من الصعوبات والمعوقات؛ لأن المعلومات غزيرة ومبسوطة في مختلف الوسائط الإعلامية عن الملك سلمان، الإنسان، والسياسي القدير، والإداري الناجح، والاجتماعي المحبوب، والحاكم الحازم. وخلاصة القول إنه شخصية مبهرة. وهالة الإبهار التي تحيط بشخصيته لها عناصر ومكونات تشكل ثنائيات إيجابية عرفها كل من تعامل معه، ولمس المواطنون تطبيقاتها، ولعل أبرزها الشفافية والوضوح، والبساطة والحزم، والدقة والانضباط، سعة العلاقات والاهتمام بالتفاصيل التي يستشف منها ويستخرج ما يرمي إليه في موقف محدد. من أكثر الجوانب في العلاقات المجتمعية التي تتجلى فيه أبعاد شخصية الملك سلمان بن عبد العزيز، صلته القوية بالإعلام والإعلاميين؛ فالمتابع الذي يريد استقراء نهجه في الإدارة، ولمفهومه للسياسة والحكم، وعلاقته مع المواطنين، لا يستغني عن الوقوف عند العلاقة الوثيقة بينه وبين "الصحفيين"، والجسور القوية التي أقامها مع أهل الإعلام عموماً. فلا تكاد تمر مناسبة تجمع هذه الشريحة، إلا ويخصصون جانباً من أحاديثهم عن تلك الجسور الممتدة بينهم وبين من تواضعوا على تسميته ب "صديق الصحفيين "، ويسردون مواقف مرت بهم مع الملك سلمان لدى قيامهم بمهامهم الصحفية في مناسبات رعاها خلال توليه إمارة منطقة الرياض مدة طويلة، أو عندما اختاره الملك عبد الله بن عبد العزيز -رحمه الله- ولياً للعهد ووزيراً للدفاع. وبعض الصحفيين يحكي اتصالات شخصية معه بخصوص هموم المهنة وهذا الاهتمام بالصحافة والصحفيين من الملك سلمان هو امتداد لعنايته بكل ما هو فكري وثقافي، والتواصل المباشر مع أهل التخصص؛ فلا عجب أنه هو صاحب فكرة تجميع المؤسسات الصحفية في الرياض في منطقة واحدة، وهو من أطلق اسم "حي الصحافة" على ضاحية مدينة الرياض التي تجمعت فيها الصحف والمطابع ودور التوزيع. والود المتبادل بين الملك سلمان والصحفيين يعكس نفسه في مظاهر عديدة، ومعشر أهل الإعلام يرتاحون إلى لقائه لأنهم يرون في الكلمات الصريحة التي يخاطبهم بها دفاعاً عنهم وعن مهنتهم. ولا تحول سرعة إيقاع "الإعلام الجديد" بوسائطه العديدة بين الملك سلمان ومتابعة هذا النمط الإعلامي الذي يجتذب الشباب بصورة خاصة، وله أيده الله منظور في ضوابط التعامل مع الإعلام الجديد، الذي أصبح طابع العصر وعنوانا له. تقديرنا أن قوام العلاقة بين الملك سلمان وأهل الصحافة مبدأ واضح، فهو حفظه الله يصدر في تعاطيه مع المنتج الفكري والثقافي عموماً عن الإيمان بالحرية المسؤولة، ودور قادة الرأي وحملة القلم في المجتمع، وله في هذا المنحى مقولات وآراء عديدة توازن بين الطرح الصحفي وحقوق المجتمع والأفراد في الرد والتصحيح. وهو يؤمن بأنه متى ما كان واعياً لدقة وخطورة رسالته يكون عنصر بناء وليس هدما، وداعية استنارة وتبصير وليس التعتيم؛ ولذلك يطلب من الكتاب والصحفيين عدم الإغراق في "جلد الذات"، ويؤكد مقومات النقد البناء: "قولوا للمحسن احسنت وللمسيء أسأت وهذه قاعدة اسلامية شرعية منصفة". ومن المظاهر المهمة التي تعكس الاهتمام الواعي لدى الملك سلمان بالإعلام والإعلاميين مبادرته في ثمانينيات القرن العشرين بإطلاق معرض "الرياض بين الأمس واليوم"، الذي طاف مناطق المملكة، وقارات العالم، ونتيجة للنجاح الواسع الذي حققه تحول المعرض إلى مسمى "المملكة بين الأمس واليوم".. والتظاهرة الإعلامية الضخمة التي صاحبت المعرض في جميع محطاته آتت ثماره في التعريف بالمملكة ومعالم النهضة فيها.