بقلوب يعتصرها الألم ونفوس يغشاها الأسى برحيل قائد الأمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله رحمة واسعة- جاءت كلمات جمهرة من الأدباء والشعراء ممزوجة بالحزن حاملة بين طياتها الدعاء والرحمة لباني نهضتنا ومحقق الرخاء لبلادنا، مقدمين العزاء لأنفسهم سائلين الله أن يحفظ بلادنا بقيادة مليكنا الغالي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ويبقيه ذخراً لهذه البلاد. لقد حملت كلمات هؤلاء الأدباء والشعراء الحب والتقدير لرجل بحجم الملك عبدالله الذي أخلص لأمته وحقق لشعبه الرخاء والنعيم ودافع عن الإسلام والمسلمين وجعل للمملكة مكانة كبيرة وعالية في كافة الصعد والمجالات. فقيد الأمة: الدكتور عبدالله غريب الكاتب الصحفي نائب رئيس نادي الباحة الأدبي عبر عن هذا الرحيل بقوله: «رحل عنا حكيم العرب ورائد السلم والسلام الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يرحمه الله- وقد ترك جرحاً لا يندمل رحل الرجل الذي حمل على عاتقه حكم البلاد في وقت مبكر إبان حرب الخليج التي كادت تعصف بالخليج إلى المجهول في ظل غطرسة الدول القوية وبغيتها التهام جاراتها في لمح البصر إلا أن حكمة هذه البلاد ورجاحة عقول حكامها وتوفيق الله لهم الذي جعلهم ناصرين للمظلومين استطاع أبو متعب أن يقود الخليج كله إلى بر الأمان ويجنبه الاشتعال، وأضاف أن: «الملك عبدالله وازن بين احتياج الوطن والمواطن وبين عالم مضطرب بكل ما تعنيه الكلمة حافظ على أكبر قوة نفطية في العالم وجنبها التذبذبات العالمية وحافظ على حصة المملكة من إنتاجها النفطي في وقت تنامي إنتاج النفط الصخري في أمريكا الشمالية بالرغم من انخفاض مستويات الإنتاج والأسعار تبنى الإصلاح على الساحة المحلية والساحة الخليجية والعربية وساهم في اجتثاث الإرهاب الذي عصف بكثير من البلدان فكانت المملكة في عهده أنموذجاً يحتذى في التعامل مع من وقع في فخ هذا المارد «الإرهاب» بجميع أنواعه واعتبر أعمال العنف من أقوى عوامل الهدم وعدم الاستقرار أعطى كل ذي حق حقه من أطياف شعبه فكان للشباب حضورهم وكان للمرأة نصيبها في المجالس رفع سقف الإنفاق على التعليم وخدمة المجتمع جنباً إلى جنب مع التنمية المستدامة في المدينة والقرية والهجرة على حد سواء ويكفي أنه رحل وفي خزينة التنمية مئات المليارات سواء القائم عليها الصرف لعام جديد أو الاحتياطي الذي يحافظ على مستوى المعيشة والعيش الكريم، وازن بين الحفاظ على استقلال المملكة وبين مصالحها مع الشرق والغرب في حكمة وصمت أدخل الكثير من الإصلاحات التي وأدت الفساد واستغلال النفوذ في العمل ويكفي أنه في عهد الملك الراحل تضاعف عدد الجامعات في المملكة إلى ثمان وعشرين جامعة وأمر بفتح عشرات الكليات وعم التعليم الجامعي مناطق ومحافظات المملكة في نقلة نوعية لم تشهدها المملكة منذ ثلاثين سنة ثم أن الحرمين شهدا أكبر توسعة في تاريخ المملكة في عهده وتحديدا عام 2005م شهدت أول مشاريع الانتخابات البلدية ومنح المرأة حق التصويت في الانتخابات القادمة. الملك عبدالله وازن في عهده بين السلطات التشريعية والتنفيذية وحافظ على مكانة المملكة الدينية ونشر الانفتاح العصري المنضبط استغل موارد الوطن وخيراته لصالح أبناء المملكة وصالح مشاريع تنموية في شتى المجالات وعلى رأسها الإنفاق على كل ما يحقق للمواطنين الراحة والاستقرار في تعليمهم وسكنهم وتنقلاتهم ومعيشتهم أبقى مستويات الإنفاق على ما هي عليه في الميزانية السابقة رغم انخفاض أسعار النفط في سبيل الحفاظ على مستويات الرغد والسلم الاجتماعي، له مبادرات في الشأن الثقافي على مستوى الوطن إذ شهدت الأندية الأدبية تبرعه السخي بعشرة ملايين ريال لكل ناد أدبي إيماناً منه بدورها الثقافي والأدبي ولو استعرضنا ما قدمه الملك الإنسان لن نستطيع نوفيه حقه في مشاريعه الداخلية والخليجية والعربية ومبادراته للسلم الدولي التي شهد بها الأعداء قبل الأصدقاء فهو رجل كانت المرحلة السابقة تحتاج لمثله في وسط تقلبات عصفت بدول كثيرة وأخرجتها عن مسارها الدولي ظلت المملكة بحكمته وحنكته وحزمه وعزمه قادرة على أن تتخطى كل الصعوبات والعراقيل التي وأدت بكثير من المشروعات الدولية إلا أنه يرحمه الله وازن بين مكانة بلاده وبين مصالحها الداخلية والخارجية حتى نعمنا بما نحن فيه واليوم تفقد الساحة الداخلية والعربية والإسلامية قائدا ملهما وحكيما مخضرما وبانيا من بناة السلم والأمن الدولي لنرجو الله أن يتقبله في الفردوس الأعلى وأن يخلفه بعضده الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير مقرن، وولي ولي عهده الأمير محمد بن نايف، الذين نعلن بيعتنا لهم وأن يحفظ هذه البلاد وشعبها والمقيمين على ترابها الطاهر من المظلات والفتن ما ظهر منها وما بطن. العمراني: فقدنا أباً كريماً وحاكماً حكيماً له الأيادي البيضاء قدس: الاهتمام بالثقافة والتراث أهم ما كان يشغل باله طوال حياته اهتمامٌ بالثقافة الكاتب والقاص محمد علي قدس أبرز دور الراحل العظيم الملك عبدالله كقائد وحكيم خدم أمته قائلًا: «رحم الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز.. كان زعيما حكيما وملكا استطاع أن يتربع على عرش قلوب شعبه قبل أن يمتلكهم بسلطة الحكم والملك والزعامة، لقد شهدت المملكة في عهده وخلال سنوات قليلة نهضة اقتصادية وحضارية وتعليمية وثقافية، لم تشهدها المملكة من قبل، فقد كان صاحب دعوة الحوار الوطني لحوار مختلف أطياف الوطن من المفكرين والعلماء والمثقفين بكافة انتماءاتهم وتوجهاتهم، من أجل وحدة الوطن، وهو صاحب حوار الأديان والمعتقدات ومختلف الثقافات في العالم، وما حققه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في الرياض ومركز الملك عبدالله لحوار الأديان في بروكسل من نتائج وتوصيات، لاشك أنها تضاف إلى منجزاته الثقافية والفكرية، كما أنه رحمه الله أطلق مشروعه للابتعاث للخارج الذي حقق معدلاً عالياً في توفير فرص الالتحاق بجامعات العالم للدراسات الجامعية والدراسات العليا، كما أطلق مشروعه لتطوير التعليم من خلال المدارس النموذجية المتطورة، وقد رصد للمشروع 80 ملياراً ريال. وكان مشروعه الكبير الصرح العلمي جامعة الملك عبدالله للبحوث العلمية والتقنيات المتطورة تعد من مشاريعه التعليمية الخالدة، كما أصبح في المملكة ما يزيد على الخمس وعشرين جامعة بعد أن كان عدد الجامعات في بداية عهده أقل من عشر جامعات. وكان اهتمامه بالثقافة والتراث أهم من كان يشغل باله طوال حياته منذ كان وليا للعهد، حيث انطلقت فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة قبل ثلاثين عاماً، اهتم خلاله بأدباء وعلماء ومفكري المملكة. وأولى الملك عبدالله الأدباء والمثقفين رعايته واهتمامه، إذ لا ننسى أن الأندية الأدبية تلقت دعماً سخياً من الملك عبدالله رحمه الله (عشرة ملايين ريال لكل نادٍ) استفادت منه كثيراً هذه الأندية، وساهمت في تمكينها بعضها من بناء مقارها الثابتة التي تملكها، وقامت بعض الأندية باستثمار الدعم لصالح نشاطاتها وإصداراتها، وملتقياتها الأدبية، ورعاية المثقفين وتطوير الحركة الثقافية، وفي عهده رحمه الله أصبح للثقافة وزارة بعد أن كانت مهامها ومسؤولياتهم متفرقة بين أكثر من جهة حكومية. د. عبدالله غريب محمد علي قدس أحمد الهلالي سعد الرفاعي د. يوسف العارف عبدالرحمن العمراني محبة لا تقبل الاختلاف من جهة أخرى ذكر الشاعر أحمد الهلالي جملة من مناقب والدنا الراحل وفصل في حديثه كل الجهود التي بذلها خدمة للإنسان قائلاً: «أي قولٍ وأي دمعٍ وأي نعي وأي لغة تعبر عن الحزن العميق جداً في قلوب أبنائك وبناتك يا حبيب القلوب، صقر العروبة، حكيم العرب، رجل السلام، الإنسان، الملك الصالح. كل أمر في حياتنا يمكن أن يقبل وجهات النظر وتباين الرؤى إلا حبك الذي لا يقبل إلا إجماع القلوب والأرواح، هذا الحب الكبير ما كان إلا صدىً لحبك السابغ العميم الذي أنعمته على أبناء شعبك والشعوب العربية والإسلامية، الحب الذي لا يفرق بين أمير وفقير، ولا كبير وصغير، ولا حاضر وبادٍ، ولا ذكر وأنثى، حتى شاركتنا ضحكتك العفوية، ودمعتك الكبيرة، ودفء قلبك الكبير، وحنان أبوّتك، واهتمامك الغالي أن نكون في مقدمة العالم؛ إلا أن عزاءنا الكبير بعد عبدالله- يرحمه الله- في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي أعلن في أول خطاب له أن تسير البلاد على ذات النهج القويم، وأن تستمر في سياساتها الحكيمة في بناء الإنسان السعودي، وتقديم دين الله الإسلام في صورته الصحيحة المعتدلة إلى العالم أجمع، فطمأننا -حفظه الله- أن عبدالله لم يمت ولم يفارقنا وأياديه البيضاء متصلة بنا وببلادنا ترعانا وترعاها. رغم الألم والحزن العميق في قلبك وقلوبنا إلا أن وجهك المضيء يا ملكنا الحكيم سلمان بن عبدالعزيز يبشرنا بعهد زاهر مشرق، فالناظر في إنجازاتكم إبان إمارتكم للرياض وولايتكم للعهد يطمئن إلى مستقبلنا المزدهر -بإذن الله- واستمرار عجلة تنمية للإنسان والمكان، في طموحكم الدائب إلى ترقّي بلادنا إلى مصاف العالم الأول». كما عبر الشاعر والناقد سعد الرفاعي على متانة الدولة وانتقال السلطة بسلاسة» الرفاعي: زرع الحب في كل القلوب وكان أباً للجميع العارف: كيف لنا أن نعبر بالكلمات أمام هذه المصيبة فاجعة كبيرة الناقد والشاعر الدكتور يوسف حسن العارف صعق بنبأ رحيل المليك معبرا عن ذلك بقوله: «لم يدر بخلدي -وأنا أستمتع برحلة عائلية إلى شرم ينبع- أن تحمل إلي أخبار الصباح يوم الجمعة 2/4/1436ه هذا النبأ الصاعق وفاة الملك عبدالله -رحمه الله- كانت المشاعر بين تصديق وتكذيب وكانت المشاعر في شك غير مبرر وفي نفس الوقت تواقةٌ إلى مزيد من الأخبار، ولكن قطع هذا الشك والاستغراب كلمة خليفته -حفظه الله- خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في تأبين أخيه وتأكيد الوفاة ومزيداً من القرارات الملكية في مثل هذه القرارات، رحم الله من مات، وعزاؤنا للأسرة المالكة والشعب السعودي النبيل، عظم الله أجرنا ورحم ميتنا وأسبغ علينا الصبر والسلوان، وأملنا في من تولى الحكم بعده، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود». كلمات لا تستطيع وصف المآساة القاص عبدالرحمن العمراني أكد أن المُصاب جلل، والفقد عظيم، والفجع أليم ولا نستطيع وصف كلماتنا وحجم حزننا والأسى الذي نشعر به في وفاة المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رجل أجمع على حبه شعبه واليوم يحزن على فراقه ويشعر بمرارة فقده، كيف لنا أن نعبر بالكلمات أمام هذا الحزن الكبير، فخسارة الأمة العربية والإسلامية كبيرة فلقد فقدت أبا كريماً وحاكماً حكيماً له من الأيادي البيضاء على شعبه وعلى أمته الإسلامية الكثير، اليوم ونحن نودعه لا ننسى حجم مآثره الخيرة وسجله الحافل بنصرة الدين وحفظ أمن هذا البلد واستقراره، فلقد كان قائداً إسلامياً عظيماً خدم أمته بإخلاص وتفان، وأبلى حسناً في سبيل دينه وشعبه، ولكن عزاءنا فيما سيخلفه فهو بإذن الله سائر على الدرب الذي سار عليه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه، فرحم الله الفقيد رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وأنزله منازل الشهداء، إنا لله وإنا إليه راجعون»