تابع اللبنانيون باهتمام شديد عملية انتقال السلطة في السعودية وتسلم الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم بعد رحيل المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز. ولا شك أن اهتمام اللبنانيين بانتقال السلطة في السعودية مرده العلاقات التاريخية الوثيقة التي تربط المملكة بلبنان والمستمرة إلى اليوم بصفائها المعهود. وقد بدأت هذه العلاقات بموقف تاريخي للملك عبدالعزيز رحمه الله عندما دعم استقلال لبنان سنة 1943م وبمواقف كثيرة لجلالته ولأبنائه الملوك البررة من بعده منها احتضانهم للجالية اللبنانية في السعودية، ومعاملة أفرادها كما لو أنهم سعوديون. وإن ينسَ لا ينسى اللبنانيون رعاية السعودية لمؤتمر الطائف الشهير الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية زمن الملك فهد الذي سهر بنفسه، رحمه الله على إنجاح المؤتمر، فالسعودية في الوجدان اللبناني مرادفة للاخوة العربية والمكارم والمروءات والأصالة بمفهومها الناصع. وفي الوقت الذي يذكر فيه اللبنانيون بالخير إنجازات المغفور له الملك عبدالله تجاه لبنان وآخرها كان تبرع المملكة بمبلغ أربعة مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني يتطلعون بحب إلى عهد خادم الحرمين الملك سلمان ويأملون استمرار هذه العلاقة السعودية - اللبنانية المتميزة فعلاً والقائمة أصلاً على خدمة قضايا العرب والمسلمين. لقد أسعدني الحظ بلقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أكثر من مرة في جريدة «الرياض»، وفي دار إمارة منطقة الرياض فوجدت نفسي أمام الحاكم المثقف المفكر المستنير، رجل الدولة ورجل الفكر والثقافة والجامع في ذاته بين قيم ومثل ورؤى نادراً ما اجتمعت في رجل واحد، وعندما زار الملك سلمان لبنان إبان مرحلة من مراحل الحرب اللبنانية، عندما كان أميراً لمنطقة الرياض، رحب به اللبنانيون ترحيباً حاراً وأقاموا له حفلاً ضخماً تحدث فيه المفكر اللبناني منح الصلح الذي ذكّره بأمين الريحاني وعلاقته بوالده الملك عبدالعزيز وبالجزيرة العربية. والواقع ان علاقة الملك سلمان بلبنان واللبنانيين علاقة قديمة ثابتة جوهرها الحب. يرى الملك سلمان في لبنان صورة البلد العربي المتطلع إلى العصر والحداثة، ويرى اللبنانيون في الملك سلمان صورة رجل الدولة بأبهى معاني هذه الكلمة وأرقاها. ونرى نحن فيه صورة «الإنسان الكامل» الذي كثيراً ما تحدث الفلاسفة العرب القدماء عنه. ومن عرف الملك سلمان عن قرب وشهد مجلسه واستمع إليه تذكر على الفور والده العظيم الذي تحققت على يديه أول وحدة عربية ناجحة في التاريخ العربي الحديث، كما تذكر كل الرجال الكبار في تاريخنا العربي. انه من هذا الرعيل بالذات. وإنجازاته ومواقفه المشرفة تشهدان بذلك. وقلوب العرب والمسلمين تتطلع إليه وتدعو له بالتوفيق في قيادته لمملكة العرب والمسلمين جميعاً.