الأيام الماضية حملت خبرين هامين جداً لكل المهتمين بالشأن السينمائي وصناعة الأفلام في الخليج وفي المملكة تحديداً. كلا الخبرين يختصان بمهرجانات أو مسابقات سينمائية، لكن فحواهما متناقضتان تماماً. الأول هو خبر عودة مسابقة "أفلام السعودية" والثاني هو خبر احتمال توقف مهرجان الخليج السينمائي بدبي. تحتل مسابقة أفلام السعودية والتي انطلقت دورتها الأولى والوحيدة في الدمام عام 2008 أهمية لا مثيل لها، فحفل افتتاحها كان قد تم بحضور معالي وزير الثقافة والإعلام حينها إياد مدني. وحضر حفل ختامها ووزع جوائزها رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون الدكتور يوسف العثيمين. وكان ذلك الحضور منهما وخصوصاً من معالي وزير الثقافة والإعلان بمثابة الاعتراف الرسمي الأول ربما بتلك الأفلام وصناعها بعد سنوات من التجاهل أو التغافل عنها. ساهم النجاح الكبير للمسابقة والحضور الجماهيري الكثيف لها في مضاعفة عدد الأفلام السعودية القصيرة التي أنتجت في السنة التالية. لكن المسابقة ومثلها مهرجان جدة للأفلام توقفا ومنذ تلك السنة والأفلام السعودية تتخبط بمستوياتها رغم نجاح فيلم هنا أو آخر هناك. في نفس العام وبفرق أسابيع فقط عن المسابقة ودورتها الوحيدة وتوقفها، انطلق مهرجان الخليج السينمائي في دبي، ومنذ ذلك الحين ودبي تشهد فعاليات المهرجان في شهر أبريل من كل عام، هذه التظاهرة الجميلة التي أصبحت الحدث الأهم لصناع الأفلام في الخليج ومحطة الانطلاق لأفلامهم الجديدة. أصبح مهرجان الخليج الفرصة شبه الوحيدة التي تجمع كل هؤلاء في مكان وزمان واحد. العام المنصرم 2014 ولأسباب لم تعلن، لم يعقد المهرجان! وهو الأمر الذي أثار استنكار واستغراب الجميع، فبعد ست دورات رائعات شهدت تطوراً ملحوظاً مع كل دورة جديدة وبعد ست سنوات رفعت مستوى الفيلم الخليجي الطويل والقصير روائيين كانا أو وثائقيين، بعد تلك القفزات النوعية في المستوى والعدد، يتوقف المهرجان بلا أدنى تبرير!. ظن الجميع أن الأمر مجرد كبوة وسيعود المهرجان في العام التالي. الآن، ومع بداية عام 2015، تم الإعلان عن عودة مسابقة "أفلام السعودية" في مدينة الدمام، وتفاءل المخرجون والمخرجات السعوديون وبدأ زملاؤهم في الخليج بتهنئتهم إيمانا بأن أثر المسابقة سيتخطى حدود الوطن. لكن تفاؤلهم اهتز قليلاً مع كثرة الأحاديث مؤخراً بين المهتمين والمتابعين عن احتمالية إلغاء مهرجان الخليج السينمائي. وجود مثل هذه المسابقة وذلك المهرجان ضرورة ملحة لنمو وتشكل صناعة الفيلم لدينا. ففي تلك التظاهرات تتلاقح عقول السينمائيين، يتبادلون الخبرات، يستمعون لنقد الجمهور، يتاح للجمهور مشاهدة الأفلام التي لن تجد طريقها لصالات السينما، تقام على هامشها دورات متخصصة ومحاضرات متقدمة ومفيدة في المجالات السينمائية المتنوعة، وغيرها الكثير من الأسباب التي تجعل عودة المسابقة أملاً جديداً، وموت المهرجان مثبط وجرح غائر في خاصرة الإبداع السينمائي في الخليج. أتمنى أن نراهما سوية هذا العام، وأعدكم بأن تروا الأفلام السعودية على منصات التتويج قريباً وبشكل متكرر.