سوق العقار يمر حالياً بمرحلة مخاض يشترك الجميع في صناعته، ومن واقع الحال وعطفاً على متغيرات السوق التي حدثت خلال السنوات الماضية فهو أمر طبيعي. والمتحكم الأكبر في هذا الركود هو المستهلك النهائي الذي يحرك السوق إذا اشترى ويوقفه إذا أحجم، وهو السبب الرئيس في الركود وليس فقط الآراء والتحليلات والتوصيات التي تصدر من البعض وقد تكون من أناس بعيدين تماماً عن فهم طبيعة السوق العقاري. توقف حركة الشراء والبيع كان السبب الرئيس فيها تجاوز الأسعار للقدرة الشرائية للمستهلك النهائي من قبل شريحة متوسطي الدخل ومن هم اقل، وندرة المشاريع الاسكانية المطورة، وضعف التمويل وتأخير تطبيق الرهن العقاري وارتفاع نسبة الدفعة المقدمة الى 30 بالمئة من قيمة القرض، يضاف لها تأخر مشاريع وزارة الإسكان والتي تأكدت نتائجها بالتصريحات الأخيرة والتي ان سارت على نفس النهج فستحتاج الى أكثر من عشر سنوات لإنهاء التزامها. إذاً، من تسبب في ضعف الحركة العقارية هو المواطن وليس غيره رغم الحاجة الماسة للمسكن والطلب على المساكن، يقابلها بعض الأسباب الثانوية التي جرى ذكر بعضها والبعض الآخر يتعلق بالإجراءات الطويلة للجهات الحكومية وعدم مواكبتها للمتغيرات وكذلك ضعف الاحجام لتوفير المزيد من المشاريع السكنية. حتى سعر النفط الذي انخفض الى مستويات قياسية وفي فترة زمنية قصيرة لن يكون تأثيره سريعاً بل يحتاج الى سنة او سنتين على أقل تقدير حتى تظهر آثاره. لو سألت أي محتاج للسكن من شريحة الدخل المتوسط لديه القدرة على شراء مسكن نقداً أو بالاقتراض هل ستشتري أم تنتظر؟ ستجده متردداً بالإجابة لأنه يُمنّي النفس بانخفاض الأسعار مع خوفه من ارتفاعها مستقبلاً لأنه لم ير الحلول الجذرية التي كان يؤمل عليها منذ سنوات. الانخفاض سيكون كبيراً في الأراضي البيضاء خارج النطاق العمراني وسيكون اقل كلما كان الموقع أقرب للمدينة، اما العقارات داخل الاحياء المكتملة والتي تتمتع بالندرة في العرض فلن يكون هناك انخفاض وان حدث فلا يكاد يذكر. يليه الانخفاض الذي سيكون في المحافظات والمدن الصغيرة التي يقل فيها الطلب ويكثر فيها العرض، ويقل في المدن الرئيسة التي تشهد أزمة إسكانية وفي مقدمتها الرياضوجدة والمنطقة الشرقية. هناك أراض داخل النطاق العمراني وفي وسط المدن عمرها يتجاوز ثلاثة عقود لم تطور الى الآن وأصحابها ليسوا بحاجة لبيعها مادامت في ارتفاع على المدى الطويل وهذا ينطبق على معظم الأراضي خارج النطاق العمراني فهي بمثابة استثمار طويل المدى وشراؤها تم بأسعار رخيصة. تعطش الكثيرين لمشاريع الإسكان وانتظار تطبيق الرسوم على الأراضي المحتكرة داخل النطاق العمراني هي أمل الكثيرين في تصحيح الأسعار وعودتها لمستويات مقبولة بسبب زيادة العرض للأراضي المطورة.