زلزال الأسبوع الماضي نجح فيما لم تنجح فيه آلاف الزيارات والندوات والمؤتمرات لتحسين العلاقات بين الهند وباكستان.. ففي الوقت الحالي على الأقل يسود جو غير معهود للتعاون والتفهم فنرى جنود الهند يدخلون المنطقة الباكستانية لإنقاذ جنود «العدو» والأهالي من تحت الأنقاض وطائرات هيليوكوبتر باكستانية تدخل الجزء الهندي حاملة زائرين هنودا لم يعودوا قادرين على العودة إلى بلدهم بسبب تحطم جسر السلام وتوقف خدمة الأوتوبيس بين شطري كشمير في الوقت الحالي .. والدولتان تسمحان بطيران هيليوكوبترات البلد الآخر عبر «المناطق المغلقة» في كل بلد وكان كل جيش يسقط أي طائرة من هذا النوع تضل طريقها قبل الأسبوع الماضي فقط. وكذلك حطت طائرات السلاح الجوي الهندي حاملة الإمدادات في مطارات باكستانية لأول مرة منذ الاستقلال . وقد رفعت باكستان مؤقتا قيود الاستيراد من الهند وذلك لاستيراد مواد كالأدوية والخيام والبلوفرات مما يمكن الحصول عليه بيسر ورخص على الجانب الآخر من الحدود ويمكن أن يصل مناطق التخزين والتوزيع في باكستان خلال ساعة وساعتين بعد اجتياز الشاحنات الحدود في إقليم البنجاب. وقد سمحت الهند لمنظمات الخدمة والإنقاذ في الهند وخارجها بعبور الهند متوجهة إلى باكستان لإيصال الإمدادات. وفى الوقت الحالي على الأقل لم يعد ل «خط وقف إطلاق النار» من وجود في كشمير إذ ينتقل الناس والكشميريون من الجانبين إلى الجانب الآخر لمساعدة الضحايا أو للوصول إلى مناطق أخرى فى بلده نفسه عبر أراضى البلد الآخر بعد تحطم الطرق وأحيانا اختفاءها من ظهر الأرض بعد سقوط قطع الجبال وانزلاق التلال . وقد فتحت الهند طرقا برية وسككا حديدية كانت مغلقة منذ الاستقلال وذلك لتسهيل نقل الإمدادات وانتقال فرق الإنقاذ .. وبينما هناك شكوى من بطء استجابة الهند للكارثة فى جانبها من كشمير - حيث يقال أن هناك عشرات من القرى النائية لم يصلها أي فريق إنقاذ الى اليوم ومنها 8 قرى فى منطقة تَنْغْدَار - تتدفق الإمدادات الهندية بالشاحنات والسكك الحديدية والطائرات الى باكستان التى تضررت أكثر من الهند فيما يتعلق بالأرواح إلا أن خسائر الهند في الممتلكات جسيمة للغاية. فتقول أرقام حكومة كشمير الهندية أن مائة ألف بيت قد تضرر في الجزء الهندي من كشمير و42720 بيتا منها قد تهدم كليا بينما أصيب 73450 بيتا بأضرار جزئية وسيجب هدم معظمها إذ من الخطورة بمكان السكن بها إذ يمكن أن تتهدم هذه البيوت بهزة زلزالية بسيطة. وبما أن الشتاء قد بدأ في كشمير فليس هناك خوف من تفشى الأمراض الوبائية إلا أن هناك أمواتا جديدة بسبب قلة ملابس الصوف والبطانيات المتوفرة للأهالي الذين يسكنون الخيام الآن في انتظار أن يعيدوا بناء بيوتهم من جديد . وقد قدمت الحكومة الهندية المركزية منحة مائة ألف روبية هندية لكل أسرة لبناء بيتها المتهدم وأعلنت أنها ستزيد هذه المنحة لا حقا لو ظهر أنها غير كافية. وكان رئيس الوزراء مان موهان سينغ عند زيارته لكشمير عقب الزلزال أعلن عن منحة من الحكومة المركزية قدرها 5000 مليار روبية هندية (114 مليون دولار) مع استعداده لرفع المنحة في المستقبل عند ظهور الحاجة. وقد قررت حكومة كشمير الهندية أن تبنى على عجل عشرات من «صالات المجتمع» في مختلف الأماكن لإيواء نحو 300 شخص في كل صالة حيث عمليات البناء ستسغرق أشهرا طويلة . وقد هب عامة الشعب والتجار والشركات ومؤسسات المجتمع والمنظمات الإسلامية لمساعدة الضحايا في كل من الهند وباكستان ولكن لوحظ أن الإقبال أقل مما كان عند وقوع زلزال كوجرات في يناير 2001. وكان من آثار الزلزال في الجزء الهندي من كشمير أن الجيش قد استعاد قدرا كبيرا من شعبيته ومصداقيته بسبب أعمال الإنقاذ الضخمة التي قام بها فور الزلزال وينظر الكشميريون إلى الجنود الآن بعين الاحترام والشكر بعد أن كانوا ينظرون إليه كقوة احتلال تعتدي على حقوق الإنسان وتحرمهم من الحرية في بلدهم.