طالب باحثون شرعيون ومختصون في الشريعة من أئمة وخطباء المساجد والدعاة، بتحييد المساجد عن النزاعات والطائفية وألا تنطلق مثل تلك الدعوات منها. وحذروا في ندوة الإدارة العامة للأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة جدة أمس، من إشغال الناس بقضايا لا تخصهم، ونقلهم إلى صراعات جغرافية والاندفاع إلى الفتن، مشددين على التواصي بترسيخ مفهوم جمع الكلمة ولزوم الجماعة والبعد عن أسباب الفرقة والنزاع. وحث الشيخ أحمد بن حمد جيلان عضو الدعوة بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف عضو لجنة المناصحة، الأئمة والخطباء على تهدئة أوضاع الناس وجمع كلمتهم ومنعهم من الخوض في ما لا ينفعهم، منوهاً إلى أن خطيب الجمعة ينوب عن ولي أمر المسلمين، الذي هو المكلف بإمامة الناس. وشدد على أهمية الحرص على إعادة الناس إلى أهل العلم والثقة بعلمائهم، وتأليف القلوب بعدم الخوض في الفتن، كاشفاً عن التحديات التي تواجه منبر الجمعة وكيفية التغلب عليها في ظل كثرة الفتن والمتغيرات وتعدد الموجهات واختلاط المفاهيم. وقال إن الرفق بالناس والحكمة والموعظة الحسنة علاج للمنكرات، محذراً من تفرق الدعاة الذي يكون مدعاة لتفرق الناس. فيما شدد الشيخ الدكتور محمد علي الغامدي أستاذ الكتاب والسنة بجامعة أم القرى وعضو لجنة المناصحة، على أهمية مراعاة الخطيب لمستوى الحضور الذين يجلسون أمامه، وأن يحرص على تقديم العلم والمعرفة بأساليب متعددة. وقال: "ان طول الخطبة وقصرها مئنة من فقهه، وانتقد الخطباء الذين يشرقون ويغربون، ويخوضون في ما لا ينفعهم، ويشغلون الناس بقضايا لا تخصهم وينقلونهم إلى صراعات جغرافية واقليمية ملتبسة". من حضور الندوة وحمل على الخطباء المنفرين واصفاً إياهم بمن يكتم الخير حين يراه وينشر النشر إن رآه، داعية بلسانه قاطع طريق بفعله. وحدد الدكتور الغامدي معايير الخطبة الناجحة، منوهاً إلى أن بعض الخطباء يقع ضحية التعجل وضيق الوقت فيتأثر بخبر يبني خطبته عليه، ثم يفاجأ بأن الخبر لم يثبت أو كان مجتزأً، أو مبنيا على معلومة غير صحيحة. ولتأكيد الالتزام بمضامين مايدعو إليه أشار الشيخ الغامدي، إلى أن الخطيب الذي يحرص على جمع الكلمة والوسطية لا بد أن يكون فاعلاً في محيط أسرته واصلاً لرحمه، متواصلاً مع جيرانه وفياً لوطنه وولي أمره وعلماء أمته، غير مندفع إلى الفتن. فيما تناول الشيخ الدكتور خالد بن صالح الزهراني أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الملك عبدالعزيز عضو لجنة المناصحة، دور جمع الكلمة في استقرار المجتمع، موضحاً أن سبب هلاك الأمم هو تفرقها. ونوه إلى دور الخطباء والدعاة في ترسيخ جمع الكلمة وتأثيرها في استقرار المجتمع، وأن الحفاظ على المكاسب يأتي قبل الإصلاح. وحذر الشيخ الزهراني من إهمال الخطباء والدعاة موجات الاستغلال لمقدرات الوطن وأهمية التصدي لمن يسعى للتغرير بالشباب والفتيات حتى لا تنشأ الفرقة ويعم النزاع، محذراً من الخوض في الفتن والحرص على تأليف القلوب. وأكد مدير عام الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة جدة الشيخ طلال بن أحمد العقيل، أهمية الندوة في بيان دور الأئمة والخطباء والدعاة في احتضان الشباب وسلوك مسلك لزوم الجماعة وجمع الكلمة والنهي عن الفرقة والبعد عن النزاع، مبينا حرص وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل على توضيح هذه الأمور والتأكيد عليها، وبيان كمال شريعة الإسلام التي أوجبت وفرضت على المسلمين اجتماع كلمتهم ولزوم جماعتهم وإمامهم. وقال: "إن الندوة تؤكد أهمية دور الدعاة والخطباء في لزوم جمع الكلمة ولزوم الجماعة وإمامهم وترسيخ مفهوم طاعة ولي الأمر، وتصور الأمور على حقيقتها وفهمها وإدراكها والتحذير من الخوض في المسائل الشرعية بغير علم، فضلاً عن التحذير من الإصغاء إلى الشائعات التي تشوش على المسلمين وتفرق كلمتهم وتضعف وحدتهم وترابطهم".