الباجي قائد السبسي (88 عاما) مؤسس حزب "نداء تونس" (يمين الوسط) الفائز بالانتخابات التشريعية الأخيرة، والأوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية، هو محام وسياسي مخضرم يعتبر الخصم الاول للاسلاميين في تونس. ويعتبر قائد السبسي المولود سنة 1926 من رموز نظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي حكم تونس بين 1956 و1987، وقد تولى في عهده العديد من المناصب بينها وزارات الداخلية والدفاع والخارجية. كما تولى في بداية عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي منصب رئيس مجلس النواب بين 1990 و1991 وشغل حتى 2003 عضوية اللجنة المركزية لحزب "التجمع الدستوري الديمقراطي" الحاكم في عهد بن علي. مطلع فبراير 2011، عاد قائد السبسي الى السياسة التي هجرها قبل عشرين عاما بعدما تم تعيينه رئيسا للحكومة خلفا للمستقيل محمد الغنوشي. وبقي في هذا المنصب حتى نهاية 2011 تاريخ تسلم حركة النهضة الاسلامية الحكم إثر فوزها في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في اكتوبر 2011. وكانت تلك أول انتخابات حرة وديموقراطية في تاريخ تونس. أسس الباجي قائد السبسي في 2012 حزب "نداء تونس" الذي فرض نفسه سريعا على الساحة السياسية كأكبر خصم علماني لحركة النهضة الاسلامية، وحلّ الأول في الانتخابات التشريعية التي أجريت في أكتوبر 2014. واعتذر قائد السبسي في وقت سابق للتونسيين عما اعتبره "خطأ ارتكبه" عندما زكى قبل انتخابات 2011، اسلاميي حركة النهضة لدى الرئيس الاميركي باراك اوباما. وفي نهاية اكتوبر الماضي، قال ان عودته الى السياسة في سن متقدمة تهدف الى "إصلاح ذاك الخطأ". وذكر بأنه أبلغ اوباما عند زيارته الى الولاياتالمتحدة في 2011 بأن "الاسلام لا يتعارض مع الديمقراطية" وأن حزب النهضة التونسي "ليس مثل الاخرين". وغيّر قائد السبسي موقفه من حركة النهضة بعد وصولها الى الحكم، بسبب ما اعتبره "تراخيا" منها في التعامل مع عنف مجموعات اسلامية متطرفة ظهرت بعد الثورة. ويضم حزب نداء تونس نقابيين ويساريين وأيضا منتمين سابقين إلى حزب "التجمع الدستوري الديمقراطي" الحاكم في عهد بن علي الذي حكم تونس بين 1987 و2011. وتم حلّ هذا الحزب بقرار قضائي في مارس 2011. وتقول المعارضة إن نداء تونس "تجمع جديد" وان قائد السبسي من "أزلام" نظام بن علي، محذرة من عودة "الاستبداد". وقال قائد السبسي انه لم يضمّ الى حزبه مسؤولين تولوا حقائب وزارية في عهد بن علي أو "التجمّعيين الذين عندهم مشكلة مع القضاء". وصرح قائد السبسي لوكالة الأنباء الفرنسية بأن المنتمين السابقين لحزب التجمع "يبقون مواطنين ولهم حق المشاركة في الحياة السياسية لبلادنا. وحرمانهم من هذا الحق يشبه انتزاع الجنسية منهم". ويرى مراقبون ان تونس دخلت منذ تأسيس نداء تونس في مرحلة استقطاب ثنائي "خطيرة" بين الاسلاميين والعلمانيين. وفي 2012 تعرضت اجتماعات للحزب إلى هجمات نسبها إلى موالين لحركة النهضة والى "رابطات حماية الثورة" التي يقول ان حركة النهضة اسستها لقمع معارضيها. وفي 18 اكتوبر من العام نفسه، قُتِل لطفي نقض منسق نداء تونس في تطاوين (جنوب) في حادثة وصفها الباجي قائد السبسي بأنها "أول عملية اغتيال سياسي بعد الثورة". وفي 2013 نزل حزب نداء تونس بثقله في احتجاجات وتظاهرات طالبت بالاطاحة بحكومة "الترويكا" التي كانت تقودها حركة النهضة، وذلك إثر اغتيال قيادي معارض للاسلاميين في حادثة كانت الثانية خلال اقل من عام، ومقتل عناصر من الامن والجيش في هجمات نسبتها السلطات الى مسلحين مرتبطين بتنظيم القاعدة. ودخلت تونس بعد عملية الاغتيال الثانية، ازمة سياسية حادة انتهت مطلع 2014 بتخلي حكومة "الترويكا" التي تقودها حركة النهضة عن السلطة لحكومة غير حزبية وذلك بموجب خارطة طريق طرحتها المركزية النقابية القوية لاخراج البلاد من الأزمة السياسية. ينتقد معارضو نداء تونس تقدم الباجي قائد السبسي في السن ويقولون انه لا يمثل الثورة التي قادها الشباب التونسي، في حين يصفه مؤيدون ب"رجل دولة يمكن ان يفيد البلاد بخبرته السياسية". وخلال الفترة التي قضاها رئيسا للحكومة، توترت علاقة السبسي بالإعلام، وبنقابات الامن التي تأسست بعد الثورة بعدما وصف بعض مسؤوليها ب"القردة".