تباينت آراء الاقتصاديين والخبراء الماليين حول قضية انتقال جزء من الأموال السعودية للدول الخليجية المجاورة، وذلك بعد تهافت السعوديين على الاكتتاب في الشركات التي تطرح أسهمها في تلك الدول التي كان آخرها اكتتاب دانة غاز الإماراتية. ففي وقت يطالب فيه بعض الاقتصاديين بضرورة تحرك الحكومة تجاه اتخاذ خطوات عملية تضمن عدم نزوح الاستثمارات السعودية إلى الخارج وتشجيع المستثمرين السعوديين على إنشاء استثمارات جديدة تساعد في تنمية مدخرات المواطنين يرى بعض المحللين أن هناك مبالغة كبيرة في الأثر الاقتصادي الذي قد يلحق بالسوق السعودي جراء انتقال هذه الأموال خاصة إلى دبي أو المنامة أو أي من الدول الخليجية. وقال ل «الرياض» الدكتور عبدالرحمن الزامل الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الشورى: كثير من الاقتصاديين والمحللين السعوديين بالغوا خلال الأسابيع الماضية في حجم الآثار الاقتصادية السلبية التي ستتعرض لها المملكة جراء هروب الأموال السعودية نحو دول مجلس التعاون، مؤكداً ان الدول الخليجية تسعى إلى إقامة سوق خليجية واحدة، مضيفاً: «دبي والمنامة والكويت مثل جدة والدمام والرياض.. يتحرك المستثمر لأي من تلك الدول للحصول على فرصة استثمارية منسابة». يذكر ان الاتفاقية الاقتصادية لمجلس التعاون الخليجي تضمنت بنداً ينص على اتفاق الدول الأعضاء على القواعد التنفيذية الكفيلة بمعاملة مواطني دول المجلس في أي دولة من هذه الدول نفس معاملة مواطنيها في عدد من المجالات ومن ضمنها حرية الانتقال والعمل والإقامة وحرية ممارسة النشاط الاقتصادي. وبينما يواصل بعض الخبراء الاقتصاديين الضغط باتجاه ضرورة تفكير الجهات الحكومية وعلى رأسها هيئة السوق المالية ووزارة التجارة لإنشاء أوعية استثمارية جديدة تستقطب مدخرات صغار المستثمرين، إلا أن الدكتور الزامل يطالب من هؤلاء منح هيئة السوق الوقت والفرصة وعدم الضغط عليها حتى لا تنجرف في إصدار قرارات سريعة تحت هذه الضغوط قد تلحق بالتالي أضراراً كبيرة على المستثمرين. ويبين الزامل، ان هيئة السوق حققت حتى الآن إنجازات جيدة نظير حداثة تجربتها، والدليل أن المستثمرين أصبحت لديهم ثقة كبيرة في السوق أكثر من أوقات مضت، رافضاً حدوث أي تأثيرات سلبية على الاقتصاد السعودي جراء اكتتاب السعوديين في أي شركات تطرح في الخليج. وأضاف: «صحيح لدينا عوائق وبيروقراطية أثرت على التوجهات الاستثمارية بشكل عام، لكن يجب علينا حل الاشكاليات التي تواجهنا بمنطقية وهي اشكاليات لا يخلو منها أي بلد، مشدداً على أن كثيراً من المستثمرين الخليجيين يرغبون الاستثمار في المشاريع السعودية، أو الدخول في شراكات جديدة، الأمر الذي يعني ضرورة تشجيع حرية تنقل الأموال الخليجية، وترك الحرية لها للاستثمار في أي من دول التعاون. وبينما عد عدد كبير من المحللين أن الأموال السعودية التي ضخها المكتتبون في شركة «دانة غاز» هي أموال تبحث عن الربح السريع ثم العودة مرة أخرى إلى ديارها، إلا أنهم أكدوا ضرورة تقوية الحوافز الاستثمارية في المملكة وفتح فرص وأوعية استثمارية تجلب أموال ومدخرات المواطنين. يأتي هذا التباين في وجهات نظر المحللين، بعد أن شهد الاكتتاب في شركة «دانة غاز» الإماراتية اقبالاً كبيراً من السعوديين أثبت تعطشهم للفرص والأوعية الاستثمارية الجديدة، الأمر الذي دفعهم إلى التزاحم على أبواب البنوك في الإمارة للاكتتاب في أسهم الشركة، في وقت بدأت فيه شركة ناس البحرينية طرح أسهمها للاكتتاب العام في أول اكتتاب تقوم به شركة خاصة بحرينية منذ 8 سنوات، وسط توقعات بتدافع أعداد كبيرة من السعوديين للاكتتاب بأسهمها، حيث تطرح الشركة 50 مليون سهم عادي، أو ما يوازي 25٪ من رأس المال الصادر والمدفوع بالكامل أمام المستثمرين من جميع الجنسيات للاكتتاب فيها.