كرة القدم هذه الغائبة عن اهلها وهى بينهم، لا تلقاهم ولا يلقونها، لا تتحدث اليهم ولا يتحدثون اليها حتى صار بينها وبينهم بعد المشارق والمغارب على كثرتها وامتدادها، دمعة هنا وقطرة دم هناك، وآهات وحصرات كلها من نكد الكرة، بين الموت والاغماء والأصابات لشباب سحقتهم برامج التأهيل البدني، وصلت بهم الى ذلك المستوى الذى يفوق احتمال البشر، حتى اضحت الكرة فى اشد الحاجة الى اعادة ترتيب وتهذيب فى ظل هذا المد الشاسع من العصبية البغيضة العمياء التى باتت لا تقبل إلا الانتصار وبناء على ذلك، وفى الاطار الانساني السمح اقدم اقتراحى هذا املاً فى ان يتبناه أحد من القائمين وعرضه على الاتحاد الدولى لكرة القدم لدراسته. وهذا الاقتراح يدور حول استحداث نص قانونى فى قواعد لعبة كرة القدم يكون من شأنه جعل أنحاء ميدان كرة القدم كافة منطقة جزاء بحيث يقضى باحتساب ركلة جزاء مباشرة على اثر ارتكاب أى مخالفة متعمدة فى أي جزء من اجزاء الميدان بعد عدد معين من الأخطاء، مع التخلى عن فكرة الكروت الحمراء وبقاء عدد اللاعبين كما هو طوال مدة اللقاء، اما المخالفات غير المتعمدة فيسري عليها ما يسري الآن من قواعد وقوانين. وتكمن أهمية الفكرة الحفاظ على لاعبى كرة القدم وحمايتهم وتكريمهم فى ظل نظام قانوني يحافظ على حرمة الابدان وخصوصيتها، ما يجعل للالتحامات بين اللاعبين داخل الميدان حدوداً مقبولة، وإمتاع الجماهير بفنون كرة القدم والارتقاء بهم انسانياً، والتصدى للعصبيات التى باتت كأحد الاشكال البارزة فى الملاعب، والعودة بكرة القدم الى زمن اللعب النظيف الجميل الذى تظهر فيه اللمسات الفنية والمهارات العالية. ومن أهداف المشروع على المستوى المحلي توجيه رسالة رمزية الى الأسرة الكروية السعودية بما حوت من لاعبين وإداريين وجماهير ونقاد فحواها أن العالمية سهلة المنال، وأن امكانية قلب موازين كرة القدم ليست مستحيلة، وأنه لا ثوابت فى الكرة، وتأكيد الريادة السعودية على المستوى العربي من خلال تبنى الاتحاد السعودى لكرة القدم قضية انسانية كبرى مثل هذه القضية التى سيلتحم فيها الشارع العربى ويصطف خلف المشروع السعودي الكبير، والانتقال بالسعودية والأمة العربية على المستوى الرياضي من موقع المتلقي لما يصدر عن الاتحاد الدولي لكرة القدم، الى موقع المشارك فى صنع القرار والفاعل فيه، اما عالمياً فجذب انتباه الاتحاد الدولى لكرة القدم والصحافة العالمية واشعارهم بأن حراكا كبيرا داخل الساحة الرياضية بالسعودية بات يتطلع نحو العالمية، ما يحمل القائمين على أمر كرة القدم على المستوى العالمي الى نظرة اكثر انصافاً لقضايانا الرياضية المهمة. نتائج المشروع الرياضي نحن أمام حلم رياضى كبير يقف خلف هذه الفكرة التى ربما ينتج عن تطبيقها تغيير خطط اللعب، وإحداث ثورة تكتيكية جديدة قد تقلب موازين القوى الكبرى على صعيد الاندية والمنتخبات فى العالم، بالشكل الذى تستفيد منه الكرة السعودية اندية ومنتخبات لأخذ مكانة أفضل على الخريطة الكروية العالمية والتحول عند إعداد اللاعبين الى اعتماد المهارة الفنية والتدريب عليها بدلا من القوة البدنية، ما يخفف العبء البدنى عنهم والعبء النفسى عن الجماهير بحيث نعود بكرة القدم الى الذوق الأصيل وتغير شكل كرة القدم تماما وصبغها بصبغة جديدة اكثر انسانية. خاتمة إنها كلمات جالت فى نفسي فصعدت الى فكري فسالت على أوراقى فانتهت بين ايديكم لأخذ الرأى فيها واتخاذ القرار المناسب لكرة القدم فى هذه البلاد الطيبة والعالم أجمع، راجياً ان يوفقنا الله جميعا لما فيه خير العباد والبلاد والله من وراء القصد هو نعم المولى ونعم النصير. * باحث فى الشأن الرياضى