لم يكن «أبو بر» واثقاً من حقيقة ما جرى للإعصار الهائج دوماً، زوجته «كاترينا». هو يعرفها. يحفظ حركاتها عن ظهر قلب: تعد له شاياً بالنعناع المدني بعد أن يصحو من القيلولة مباشرة. وهذا معناه أنها تطلب الموافقة على حضور زفاف. تجهز فطوراً خميسياً عامراً بالنواشف التي يحبها كحلاوة الطحينية وجبن المثلثات ومربى «قها». وهذا إيحاء بأنها تود الخروج إلى أحد متنزهات الثمامة. «كاترينا» ممددة على أرض الصالة، الخادمة تهفهف عليها، و«أبوبر» حائر، هل هذه حركة من حركات زوجته أم أنه هبوط في الضغط، لاسمح الله، أصابها بسبب الأيام الأولى من الصوم. اقترب «أبو بر» إلى حيث تتمدد «كاترينا»،ثم سألها: - أقول. بلاحركات. ايش طلباتك يامدامي؟! فتحت «كاترينا» نصف عينها اليمنى، وخرج صوتها متغنجاً بغنج لايليق بالموقف ولا بها: - أبغى خادمة ثانية مؤقتة؟ هذي المسكينة ما تقوى على كل أعمال رمضان، وعلى كل الموائد اللي تملأ بطونكم، أنت وعيالك وضيوفك اللي ماينتهون. ابتسم «أبو بر» ابتسامة ثعلب أمام شجرة عنب: - تعرفين كم تستلم الخادمة المؤقتة يومياً أثناء شهر رمضان ياغرامي؟! - 200 ريال. توهاندرد ريال يامدام. أنا بنفسي قرأت هذا الكلام بالجزيرة. فزت «كاترينا» عن الأرض كالملدوغة: - 200 ريال؟! يومياً ؟! طيب ايش رأيك تعطيني 20 ريالاً يومياً، وأنا اشتغل لك خدامة مؤقتة؟!!