لم يعد استحداث نظرية علمية من الباحثين العرب حلما بعيدا، فقد تفوق مؤخراً كثير من باحثي العرب على باحثي الغرب في مجالات متعددة، لكن الاشكالية تكمن في الخوف من الفشل الذي يعيق الحركة البحثية، ويؤخر ظهور النظريات بسبب تردد الباحثين العرب اعلان افكارهم النظرية ومحاولة صياغتها في فرضيات تختبر بحثياً فتثبت صحتها او يتم تعديلها وتغييرها. ما يدعو الى تغيير الخطط والمناهج الحالية بتوجيهها نحو صناعة النظريات العلمية من خلال تكاتف الاقسام العلمية بالجامعات وعقد الاجتماعات والورش العلمية لوضع لبنات لنظريات علمية يقودها كبار التخصص بالجامعة وهم اهل لذلك الا ان انشغالهم بالمهام الادارية والاكاديمية واعداد البحوث التقليدية بمحاكاة النظريات القديمة اعاق التوجه الجاد لصناعة نظريات وتجربة نجاحها. رغم ان طلاب الدراسات العليا اكثر جرأة من اساتذتهم في محاولة وضع نظريات علمية متخصصة، فجيل الشباب الحالي مع الثورة المعلوماتية والحريات الاعلامية الكبيرة الممنوحة عبر شبكات التواصل الاجتماعية اكتسبوا سمات عصرهم التي تميزت بجرأة في الطرح والمناقشة للأفكار بكل شفافية ودون تردد او تحرج من الفشل او الاخفاق رغم ان المحاولة وان اخفقت فهي الطريق الحقيقي لتحقيق النجاح. كان الحماس يحذوني بدراساتي العليا لوضع نظرية بعد حصولي على درجة الماجستير لكن للأسف لم اجد من يحتضن نظريتي من اساتذتي او حتى سماع بنودها وفرضياتها، حاولت عرضها على عدد من الاساتذة المتحمسين للعلم والتطوير في تخصصنا، لكن الجميع اعتذر وبعضهم اخذا الامر بسخرية واخذ يستهجن الامر وكأنه امر مستحيل ويحبط حماس طلابه من التفكير بتوليد نظرية وهذا للأسف يعيق ابداع المبدعين كانوا اساتذة او طلاباً. ما الذي يمنع ان نكون روادا في تخصصاتنا ولو سبقنا الغرب في العلم؟.. خير شاهد على ابداعنا وتميزنا عند احتضان المواهب لو تأملنا حال ابنائنا طلاب التعليم العام حين وجدوا الدعم والتشجيع والتدريب في مدارسهم حصدوا جوائز عالمية في الاختراع والبحث العلمي وسجلوا الكثير من براءات الاختراع، ومؤخرا بدأ يحذو حذوهم التعليم العالي في توجيه طلابه للاختراعات واحتضان المبتكرين منهم. وورثنا العلمي غني بما يحكي سيرة اجدادنا من العلماء المسلمين الذين اسسوا الكثير من العلوم ووضعوا لبناتها الاولى ومازالت ابداعاتهم العلمية ومؤلفاتهم تدرس بالجامعات وتفك كنوز هذه العلوم. بصوتي المتواضع وصوت كل طالب متحمس في مجاله ارى ان يكون هناك اجتماعات علمية مخصصة لكل تخصص وكل قسم بين الجامعات السعودية والعربية والاسلامية، يسعى رواد هذه الاقسام مع طلابهم المتميزين لوضع نظريات عربية اسلامية تناسب عالمنا الاسلامي ومجتمعاتنا المحافظة وتدرس واقعنا ومستجداته واحتياجاته كما هو بلا قيود غربية تخالف قيمنا وعاداتنا.