تحاول فرنسا جاهدة لعب دور إيجابيّ يحرّك المياه الرّاكدة في موضوع الاستحقاق الرئاسي اللبناني بعد فراغ في الموقع الأوّل في الدّولة بلغ لغاية اليوم ال200. وإذا كان الفراغ الرئاسي الأطول كان عام 1989 ودام 13 شهرا وانتهى بإتفاق الطائف، في حين بلغ الفراغ الثاني ال8 أشهر عام 2007 وانتهى باتفاق الدوحة فإن الفراغ الحالي المستمر منذ 25 مايو الماضي يبدو بلا أفق لغاية اليوم. فالدينامية الداخلية معطّلة كليا ولعلّ السبب الرئيسي هو تشبّث العماد ميشال عون في ترشّحه لرئاسة الجمهوريّة وهو يلقى دعما مطلقا من "حزب الله"، في حين أنّ قوى 14 آذار لا تتنازل عن ترشيح رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع إلا إذا تراجع عون عن ترشّحه لصالح مرشح تسوية. ولعلّ الاتصالات الدبلوماسيّة الحثيثة التي تقوم بها الدّول الصديقة للبنان ومنها الفاتيكانوفرنسا بدأت تظهر الى العلن، وخصوصا في الزيارة التي يقوم بها الى لبنان مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وزارة الخارجيّة الفرنسيّة جان فرانسوا جيرو الى بيروت. وعلمت "الرياض" من مصادر سياسيّة مطلعة على زيارة جيرو الذي جال الاثنين على المسؤولين اللبنانيين منهم مسؤول العلاقات الدّولية في "حزب الله" عمّار الموسوي والعماد ميشال عون أنّ باريس بدأت تطلب مباشرة الإسراع بانتخاب رئيس، وبدء البحث الجدّي بعدد من الأسماء الوسطية المطروحة للرئاسة الأولى، أما أبرز مواصفات الرئيس المقبل فتتمثل بأن يكون مقبولا من جميع الأطراف اللبنانيين وقادرا على التخاطب مع فريقي 8 و14 آذار. وتشير أوساط فرنسيّة واسعة الإطلاع أنّ هدف الزيارة الوحيد يتعلّق بالإستحقاق الرئاسي فحسب. وتشير أوساط مواكبة للحركة الفرنسية الى وجود تفاؤل حقيقي في الشأن الرئاسي اللبناني وهو ما سيبدأ بالظهور مع مطلع السّنة القادمة، ثمّة اعتقاد فرنسي متنام بإمكانية الحلحلة في الملفّ الرئاسي اللبناني، وبالتالي الى جانب مراقبة الحركة الدبلوماسية الفرنسية وخصوصا السفير باتريس باولي فمن المجدي أيضا رصد حركة السفير الأميركي في بيروت ديفيد هيل غير البعيد عن هذا المسار، مع التذكير بالإجتماعات التي قام بها قبل تشكيل الحكومة الحالية برئاسة تمّام سلام والحركة ذاتها ستنسحب على الموضوع الرئاسي.