بشروق شمس اليوم الجمعة الموافق الخامس من ديسمبر سيكون قد مر على رجب طيب أردوغان 100 يوم كرئيس ل"تركيا الجديدة"، ولكن بلاده ظلت منقسمة. تتسبب تصريحات أردوغان غالبا في إثارة القلق لدى حلفائه في حلف شمال الأطلسي (الناتو) حيث اتهم أردوغان الغرب قبل أيام من زيارة البابا فراسيس، بابا الفاتيكانلتركيا، بأنه يريد استغلال المسلمين وقال: "يبدون في الظاهر أصدقاء لنا ولكنهم يفرحون بموتنا وبموت أطفالنا" حسبما نقلت عن وكالة أنباء الأناضول. كما أثار الرئيس التركي استغراب الغرب من خلال نظريته التي ذهب فيها إلى أن بحارة مسلمين اكتشفوا أميركا قبل كولومبوس. ونصح أردوغان النساء في بلاده بالتركيز على دورهن كأمهات لأن المساواة بين الرجال والنساء في عالم العمل "ضد الطبيعة البشرية". وكانت هذه التصريحات في قمة خاصة بالنساء في إسطنبول. وشبه أردوغان حزب العمال الكردي المحظور ومقاتليه الأكراد في مدينة عين العرب كوباني بمقاتلي مليشيات تنظيم "داعش" رغم أنه يسعى في الوقت ذاته لتحقيق السلام مع الحزب. جلبت تركيا على نفسها الكثير من الانتقادات الدولية بسبب دورها في عين العرب كوباني مما أثار شكوكا في مدى قدرتها كدولة حليفة، وعضو بالناتو حيث لم يستبعد أردوغان في البداية أي عمل عسكري ضد "داعش" في الجارة سورية ثم تخلى عن هذا الخيار فيما بعد. ودفع الجيش التركي بمدرعات على الحدود التركية مع عين العرب (كوباني) ولكنه لم يتدخل عندما تعرضت كوباني لخطر السقوط في أيدي مليشيات التنظيم. وترفض تركيا حتى الآن السماح لقوات التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" باستخدام القواعد العسكرية التركية مثل قاعدة انجرليك الجوية لشن غارات على التنظيم المتطرف. كما رفض أردوغان السماح للأكراد السوريين بالمرور عبر تركيا لتعزيز المقاتلين في كوباني ولكنه سمح فيما بعد وبضغط من الولاياتالمتحدة وبعد تردد طويل لقوات البيشمركة التركية في شمال العراق بالمرور عبر تركيا إلى كوباني. نجح أردوغان من خلال سياسته المتعرجة في إرباك جميع الأطراف المعنية بدءا من الولاياتالمتحدة والناتو ثم الأكراد في سورية وتركيا حيث وقعت اشتباكات أثناء احتجاجات كردية خلفت أكثر من 40 قتيلا. وربما أثار سماح تركيا للبيشمركة بالمرور في إثارة غضب تنظيم "داعش" ضد تركيا. وبينما يوزع أردوغان انتقاداته ضد خصوم "مزعومين" في الخارج ترك الساحة الداخلية تماما لخليفته في منصب رئيس الوزراء، أحمد داوود أوغلو، والذي توجه بنفسه في هذا المنصب. ورغم أن أوغلو يتولى رسميا رئاسة الحكومة ورئاسة حزب العدالة والتنمية إلا أن أردوغان دأب على التأكيد على أن الرئيس هو الذي يحدد السياسة في تركيا، تلك السياسة تعبر عن نفسها على شكل استعداد حكومي لإقرار حزمة من القوانين تسمح باستخدام القسوة ضد المتظاهرين الذين ينتهجون العنف. ومن بين مسودة القوانين مادة تسمح بالتأكد من "الأخلاق العامة" للرجال والنساء الذين يريدون الحصول على الجنسية التركية بعد زواجهم بشريك تركي. وكانت المحكمة الدستورية العليا قد رفضت في أكتوبر المنصرم السماح للحكومة بتشديد قواعد استخدام الإنترنت في تركيا. يحدد أردوغان سياسة "تركيا الجديدة" انطلاقا من القصر الرئاسي الذي أمر أردوغان ببنائه في إحدى المناطق الطبيعية. ولم يعلن رسميا عن تكاليف بناء هذا القصر البهي. غير أن صحيفة "حريت" ذكرت أن أردوغان قدر هذا التكاليف أثناء وجوده في رحلة خارج تركيا ب 500 مليون دولار وهو مبلغ كبير بالنسبة لبلد اقتصاده في ضعف حيث اضطرت الحكومة لخفض توقعاتها فيما يتعلق بنسبة نمو الاقتصاد خلال العام الجاري إلى 3ر3% بعد أن بلغت نسبة نموه أكثر من 9% خلال عام 2010. ورغم أن انتهاء فترة ازدهار الاقتصاد التركي يمكن أن تهدد سلطة أردوغان إلا أنه لا يزال مستقرا في كرسي الحكم حيث يبدو الهدف الذي وضعه لنفسه ممكنا على الأقل في ضوء الحقائق الحالية: إنه يريد قيادة تركيا في عيد ميلادها المائة والذي سيحل عام 2023.