أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور سعود الشريم المسلمين بتقوى الله عز وجل . وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام // إن كل إنسان على هذه البسيطة له آمال وتطلعات وأحلام يتحسس تواجدها في حياته يستوي في ذلكم الصغير والكبير والغني والفقير ذلك لان الأحلام والآمال ليست حكرا على أحد دون أحد ولو استطاع احد أن يقيد أحدا جسديا فانه لن يملك تقييده خياليا بل لايملك احد مهما بلغت قوته وسطوته أن يوقف لك حلما أو يمنعك منه أو يحاسبك عليه مادام يدور بخلدك ويحلق داخل فكرك إذا ليس عيبا ولا جريمة أن تكون أيها المسلم أن تتجاذبك هذه الأمور بين الحين والآخر غير أن العيب كل العيب والشين كل الشين أن يكون طابع الآمال والأحلام مجرد أوهام لاغير، ذلكم عباد الله أن الوهم تارة يكون مرآة المنغصات ومذكي المرعبات وتارة يكون محلا للأنس والمسرات وهو في جميع أحواله حجاب الحقيقة وعكس الواقع وغشاء على عين البصيرة بالرغم من أن له سلطانا على الإرادة وحكما على العزيمة وشيوعا ذريعا في أوساط القعدة والمتهورين وحينئذ لاتعجبوا عباد الله من كون الوهم يمثل القوي ضعيفا والضعيف قويا والقريب بعيدا والبعيد قريبا //. وأضاف فضيلته يقول // الوهم يذهل الواهم عن نفسه ويصرفه عن حسه فانه إذا خفيت الحقائق تحكمت الأوهام وتسلطت على الإرادات فتغري الضمآن بسراب بقيعة يحسبه ماءا زلالا حتى إذا جاءه لم يجده شيئا إننا نعيش في زمن حجبت فيه سحب الأوهام شمس الحقيقة إلا ماشاء الله زمن ادلهمت فيه الخطوب فغيب لجلجها وجوه الحقائق فاشتكت المجتمعات والأفراد غلبة الوهم ومورى طعناته في بدن المجتمع المسلم حتى أصبحت الحقيقة ضالة قل من يهتدي إليها فبلغ بالناس ذهول رأوا من خلاله أنهم بحاجة إلى جرعات من الوهم بين حين وآخر لتلهي الواهم عن منغصات حياته بل اخذ البعض منهم يصنع أسواقا للوهم يتكاثر زوارها فيرون أن دخول هذه السوق أمتع من فتح عيونهم على حقائق مرة وان من أعظم الأوهام خطورة هي أوهام المجتمعات المسلمة التي كانت ولا زالت تحسب كل غريبة جاءت من غيرهم معجزة من المعجزات وكل بديع من الاختراع والتطور يقوم به من سواهم ماهو إلا سحر أو شبه سحر لايمكن محاكاته ولا مجاراته فثارت خواطر الأوهام ونبت في عقول المجتمعات المسلمة خيوطا هي اوهن من بيت العنكبوت فاذكت ضوضاء بديعهم هواجس أوهامنا فرضينا بالقعود والدون والعجز والفشل فنجح الغير وفشلنا نحن وتقدموا هم وتأخرنا فرضوا الحقائق في واقعهم وغلب على واقعنا الأوهام فانحلت الرابطة وتمزق الحبل المتين والسبب في ذلك كله غلبة الوهم الذي خدر العقول قبل أن يخدر الأجساد//. وأوضح فضيلته أن من نتائج هذا الوهم تحجرا في القناعات وتجمدا في الانتماءات وكأن مايحمله كل مجتمع وكل فرد هو الصواب وحده ليس إلا فالقى الوهم ستارا حاجزا حرمهم من الإصلاح والاستفادة من الصواب الذي يأتي به الغير والذي يمنح القدرة على العمل والانجاز واغتيال الأوهام أو وأدها في مهدها لافتا النظر إلى انه لايمكن أن يتغير واقع حكمه الوهم لان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم . وبين فضيلته أن المجتمعات العالمية ابتليت بنوعين من الأوهام يختلف سبب كل واحد منهما عن الآخر حيث نرى الوهم في المجتمعات المسلمة غلابا في كثير من الشؤون سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية والناظر بعين البصيرة النائية عن الأوهام يدرك قيمة الحقيقة وغور الجرح الذي يأتي به الوهم فكم هي القضايا والأطروحات والتطلعات في المجالات الأنفة والتي يجلب عليها بالخيل والرجل لتمر الأيام فتكشف أنها إنما كانت مجرد خيالات وتعلقا بأهداب وهم من شأنه أن يجعل غشاوة على العقول ليصبح الزين شينا والشر خيرا والحرام حلالا والحلال حراما ولهذا فان تجرع الوهم في بعض المجتمعات المسلمة كان ناتجا عن احباطات متكررة وانهزامات متوالية أدت إلى تشبثها بالوهم عله يخفف جراحها ويزيل الآمها التي تجترها كل ما فاقت من الوهم لحظة ثم هي تعود إلى الوهم مرة أخرى هروبا من الواقع. وقال فضيلته // كما إننا نرى الوهم في المجتمعات المغايرة لنا نحن المسلمين والتي بلغت مبلغا من الحضارة والرقي المادي الذي افقدها كل روحانية وسلب منها معاني الأنس بالحضارة والفرح بالطغيان المادي الهائج نراه أضحى سلعة رائجة عندهم ليطفئوا به نار الكآبة والجفاف المادي في جرعة مسكر أو شمة مخدر أو أحساس بهيمنة على المجتمعات المسلمة ليطلوا من نافذة الوهم التي لاتدوم مشرعة ثم تغلق فتنكشف الحقيقة فيعلمون أنهم إنما تداووا بالذي كان هو الداء . ورأى فضيلته أن مايتميز به المجتمع المسلم الواعي انه إذا انكشف له الوهم يوما ما فرح بأنه ربح عندما خسر وهما وأما المجتمع المريض فانه يظل سادرا لاحياة له إلا بالأوهام وان انكشافها يعد علامة للموت وانقضاء للحياة. وشدد فضيلته على أهمية أن يراجع المجتمع المسلم فكره ويحكم نظراته للأحوال والأحداث والواجبات ويتقن تشخيصها ويحسن علاجها بعيدا عن قفازات الأوهام وأقنعة اللا حقيقة التي تقتل الوعي ولا توقظ الضمير فيتم خلط الأوراق حينئذ ولا نستطيع قراءة مابين السطور لينكشف لنا كل يوم أضحوكة جديدة أو نلدغ من كل جحر مرات كثيرة محذرا فضيلته من أن يسلب الوهم تخصصاتنا ويقنعنا بان الصحفي يمكن أن يكون فقيها والحلاق طبيبا والمهرج مثقفا والإرهابي مصلحا. وأشار فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن الوهم كما يصيب المجتمع جملة فانه كذلك يصيب الأفراد وينال منهم وهل المجتمع إلا كم من الأفراد . وقال فضيلته : لقد أصيب الكثيرون بالأوهام واستسلموا لها فحطمت نفوسهم واغتالت أحلامهم فإذا مارغب المرء شيئا أراه الوهم بأنه أهل له وان تحقيقة من اليسر والسهولة كاستنشاق الهواء وشرب الماء فيعمي الراغب عن حقيقة قدراته النفسية والمادية والدينية فيعيش أحلام الذكاء وهو من أغبى الناس ويلبس جبة الزهد وهو من أسرف الناس وإذا ماخاف المرء شيئا لاح له الموت كامنا في كل أفق فيفرق من الحبل يحسبه حيه ويرى كل سوداء فحمة وكل بيضاء شحمة فإذا ماعطس قال هذه عين ولو كان مزكوما وإذا ما أخفق في عمله أو دراسته أو علمه قال هذه عين ولو كان أغبى الناس وأكسلهم ونسي ما حققه أذكياء الأمة واعلامهم حيث لم تسيطر عليهم الأوهام ولم تكن كابوسا يقظ مضاجعهم ولأجل هذا حثنا ديننا الحنيف على أن نعيش في حدود يومنا وفي نطاق قدراتنا وإمكاناتنا وإلا نكلف أنفسنا فوق ماتطيق وإلا نسير بها عكس طباعها فتكون كمن تطلب في الماء جذوة نار لان الأوهام إلى زوال ولن يبقى إلا الحقائق لاغير ولقد ذكر بعض الحكماء من أهل العلم أن الذي يغلب عليه الوهم والتوهم فانه يقع ماتوهمه بمجرد غلبة الوهم له كالماشي على طرف حائط إذا قوي عنده توهم السقوط سقط بلا شك بخلاف من عود نفسه على ذلك واذهب عنه هذا الوهم .