أن يدعو الشيخ الدكتور عائض القرني الحكومات العربية والإسلامية لإعلان الجهاد على النظام السوري، فهذا رأيه.. أما أن يقول الشيخ أن جهاد النظام السوري مقدم من الناحية الشرعية على جهاد إسرائيل، فهذا ما ليس من حقه أبدا. تجريم النظام السوري لا يحتاج إلى أدلة شرعية، لكن إعلان حالة الجهاد على نظام عربي أو إسلامي ما ، سيدخل العرب والمسلمين إلى متاهة يتعذر الخروج منها. أي نظام عربي أو إسلامي لن يعدم نصرة بعض المشائخ ورجال الدين، وكل فتوى تصدر يمكن أن تصدر فتوى أخرى مناقضة لها، فهل سنرهن مستقبل أجيالنا القادمة للفتاوى التي تطالب بإعلان الجهاد على الأنظمة؟ الفتوى التي تختص بالسياسة تستلزم معرفة تامة بالسياسة الشرعية، والسياسة الشرعية ليست مجرد مبادئ عامة أو خطوط عريضة يمكن من خلالها إعداد إعلان دستوري. السياسة الشرعية تستلزم دراية بظروف وملابسات وأصول العمل السياسي بكل ما ينطوي عليه، كما أنها تستلزم معرفة واسعة بالقانون الدولي. وفي حالة كالحالة السورية فإن إعلان الجهاد وتجييش الجيوش يحتاج إلى معلومات تفصيلية ورؤية عميقة تسمح بتقييم الموقف على الأرض بما يكفل تحقيق المصالح ودرء المفاسد. وعملية شن الحرب على بلد ما بحجة أن نظامه قد فقد الشرعية، لا يمكن تعريفها حسب علم السياسة سوى بأنها غزو خارجي وانتهاك لسيادة دولة مستقلة تتمتع بعضوية الجمعية العامة للأمم المتحدة. لو أفتى الشيخ بوجوب مساعدة الثوار السوريين وتسليحهم لفهمنا الأمر وتقبلناه، أما أن يدعو إلى إعلان الجهاد بغرض تعبئة الجيوش لمحاربة النظام السوري أو غيره من الأنظمة العربية أو الإسلامية، فهذا أمر آخر لا أدري إن كان الشيخ يدرك مدى خطورته أم لا؟ من ناحية أخرى فإنني لم أسمع أبدا أن هناك جهادا مقدما على جهاد إسرائيل التي لم تكتف باحتلال الأرض، بل سعت إلى محو فلسطين من الخارطة وعملت ولا زالت تعمل على إفراغها من شعبها وفقا لبرنامج استيطاني شيطاني. فما بالك إذا أضفنا إلى ما سبق، إصرار الدولة الصهيونية على قضم القدس وتهويدها وهدم المسجد الأقصى نفسه؟ أتمنى على الشيخ القرني أن يقرأ أكثر عن مخططات إسرائيل بشأن فلسطينوالقدس والمسجد الأقصى والعالمين العربي والإسلامي، قبل أن يفتي بتقديم أي جهاد على جهاد إسرائيل. للكاتب أنس زاهد في زاويته بجريدة المدينة