( الأولى ) وكالات : أكد رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق الشيخ حارث الضاري أن العملية السياسية في العراق قد تبين مدى انحرافها وعجزها، وحمَّلها المسئولية عن كل الخراب والدمار والمآسي التي ألمت بالعراق وشعبه. وقال الضاري في رسالة مفتوحة إلى الشعب العراقي بمناسبة الانسحاب الأميركي نشرها موقع الهيئة الإلكتروني: "العملية السياسية في العراق بُنيت على أسس باطلة ونوايا سيئة، وما يجري اليوم في الساحة العراقية من أحداث وما يُسال فيها من دماء، وتناصر بين أطراف الحكم، وتهديد بفتح ملفات الإجرام والفساد والعمالة لهذا الطرف أو ذاك، لهو كافٍ في الدلالة على فسادها وفشلها وفشل المراهنين عليها". وأضاف رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق: "هذه العملية السياسية لم تجمع في حاضنتها غالبًا إلا الفاسدين والمجرمين الذين لا تهمهم إلا مصالحهم ومصالح أسيادهم". وأردف الشيخ الضاري: "الأمريكيون انسحبوا تحت جنح الظلام، يجرون أذيال الخيبة والخسران، بعد ما يقرب من تسع سنين حاربوا فيها الشعب العراقي الرافض لاحتلالهم وقتلوا مئات الآلاف من أبنائه، رجالاً ونساءً شيبًا وشبابًا بلا رحمة أو وازع من ضمير". وقال: "جنود الاحتلال رمَّلوا ويتَّموا الملايين، وخربوا ودمروا، وتحالفوا مع كل أعدائه لنهب ثرواته وتمزيق أوصاله، وفعلوا فيه ما لم تفعله أشد الاحتلالات إجرامًا وتوحشًا في التاريخ". واشاد الامين العام للهيئة، بالملاحم البطولية والضربات الموجعة التي سددها رجال المقاومة العراقية ضد قوات الاحتلال الهمجية وتكبيدها خسائر فادحة بالارواح والمعدات العسكرية خلال المعارك والمواجهات التي لم تكن تتوقعها، حيث ألقت في قلوب المحتلين الغزاة الخوف والرعب، وجعلت قادتهم السياسيين والعسكريين يستغيثون ويتوسطون لدى سماسرتهم لتخفيف ضربات المقاومة الباسلة أو تهدئتها . واوضح ان المقاومة استمرت على زخمها، وملاحمها البطولية، حتى كسرت أنف الاحتلال الأمريكي وحطمت كبريائه، وأخرجت أمريكا من مركز الصدارة العسكرية في العالم، وجعلتها تفكر كثيرا قبل اتخاذ أي قرار أو حماقة عسكرية أخرى في العالم .. مشيرا الى قول باراك أوباما مؤخرا : " على الأمريكيين أن يتعلموا الدروس من الحرب في العراق"، والى قول وزير الحرب البريطاني ( وليام فوكس ) عندما سئل عن إرسال قوات برية لليبيا : " لقد فهم الجميع درس العراق ". وذكر أن المقاومة العراقية فعلت ما لم تفعله جيوش ودول، على الرغم من التفاوت الهائل في ميزان القوى بينها وبين قوات الاحتلال الأمريكي في العدد والعدد والإمكانات المادية والتكنولوجية، حيث بلغ عدد جنود الاحتلال في المراحل الأولى من الحرب أكثر من مليون جندي أمريكي باعتراف رئيسهم أوباما بذلك، عدا جنود الحلفاء والعملاء والمرتزقة. وعلى الرغم من الحصار المادي والإعلامي لها، والتآمر عليها من الداخل ومن الخارج، أنجزت هذا الانجاز العظيم، الذي رفعت به رؤوس العراقيين، وأعزت به كل العرب والمسلمين، وحققت به قول الله تعالى ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ) . وجدد الشيخ حارث الضاري تأكيده بان الاحتلال الأمريكي لم ينسحب من العراق بشكل كامل كما يزعم، وذلك لان الالاف من قواته المؤثرة لازالت موجودة في العراق تحت مسميات متعددة، بينها فرقة عسكرية مزودة بكل صنوف الأسلحة القتالية، وثلاثة آلاف عنصر من القوات الخاصة، بعد إعادة تدريبها في أمريكا، للقيام بالمداهمات والاعتقالات والاغتيالات ومساندة القوات الحكومية ، كما أبقى ثلاثة آلاف وخمسمائة عسكري بذريعة حماية الأجواء العراقية، وستة عشر ألف آخرين لحماية السفارة والقنصليات الأمريكية في العراق، فضلاً عدة آلاف، ممن يسمون بالمدربين والمستشارين والمساعدين وغيرهم، إلى جانب 150 شركة أمنية اعترف بها رئيس الحكومة الحالية نفسه. وفي ختام الرسالة، دعا الامين العام لهيئة علماء المسلمين، القوى المناهضة للاحتلال والقوى الوطنية العراقية كافة، جماعات وأفرادا، أحزابا ومنظمات، من زاخو وحتى الفاو إلى التحاور والتفاهم والبدء بلقاءات تشاورية جادة فيما بينها لغرض مواجهة المرحلة القادمة، التي وصفها بانها صعبة وشديدة الوطأة.. معربا عن ثقته الأكيدة بتحقيق النصر الكبير، والتحرير الكامل لارض الرافدين الطاهرة من رجس الاحتلال الغاشم وعملائه وحلفائهم . وتعاني شرائح المجتمع العراقي من ظروف قاسية بسبب الاوضاع الامنية والبطالة ونقص الخدمات وانتشار الفساد. وشكل الضاري هذه الهيئة بعيد الاجتياح الاميركي للعراق في 2003، وجعلت الدفاع عن حقوق السنة هدفاً لها. وفي 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006، أفادت قناة «العراقية» أن وزارة الداخلية اصدرت مذكرة توقيف بحق الضاري بتهمة «التحريض على العنف الطائفي»، لكنها أوضحت ان ما صدر ليس مذكرة توقيف وإنما «مذكرة تحقيق».