وفي المدينةالمنورة أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن القاسم في خطبة جمعة اليوم أن الله سبحانه وتعالى تفضل على خلقه بتنوع العبادات منها ما هو باطن في القلب ومنها ما هو ظاهر على الجوارح وأركان الإسلام والإيمان مدارها على ذلك . وأشار فضيلته إلى أن الحجيج عادوا من بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة بعد أداء أطول عبادة بدنية حيث تظهر في الحج عظمة الإسلام في توحيد الشعوب على الحق وجمعهم على كلمة الإسلام ، يقصدون مكانا واحدا ويدعون ربا واحدا ويتبعون نبيا واحدا ويتلون كتابا واحدا ، فيه تزول فوارق زخرف الدنيا ويظهر الخلق سواسية لا تمايز بينهم في المظهر ، فالجميع في لباس كلباس الأكفان ، والله سبحانه يظهر آيات لخلقه على صدق رسله ، فإبراهيم يدعو ربه (( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم )) فاستجاب الله دعاءه (( وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق )) ، موضحا فضيلته أن في كل عام يظهر أثر دعوة الخليل فيستجيب المسلمون لدعوته ويقصدون مع مشقة السفر واديا لا زرع فيه ليظهروا افتقارهم إلى الله بوقوفهم في عرفات والمشاعر وذلهم للرب سبحانه وتعالى بتجردهم من المخيط وحلق رؤوسهم خضوعا له. وقال إمام وخطيب المسجد النبوي // إن الله سبحانه وتعالى وعد بحفظ هذا الدين ، ومع تطاول الزمان وتقلب الأحوال ووجود الكثير من الحروب والفتن والفقر والرخاء إلا أن هذا الدين بقي ناصعا تاما مبينا كأن الوحي نزل اليوم ، فيلبسون ما لبس النبي صلى الله عليه وسلم من إزار ورداء ويلبون بتلبيته ويرمون كما رمى ويطوفون بالبيت كما طاف ومضى الشيخ القاسم قائلا // إن الوفاء من شيم الرجال والنبي محمد صلى الله عليه وسلم صبر على الأذى والكروب لتنعم أمته بالهداية ، قال لعائشة رضي الله عنها " يا عائشة لقد لقيت من قومك ما لقيت " ، كما أن الصحابة رضي الله عنهم هجروا الأوطان وتغربوا في البلدان لحمل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وتبليغها بعزم وأمانة ونشر الإسلام في الآفاق بالدعوة والقدوة // ، مشددا فضيلته في هذا السياق على أنه من الواجب على المسلم أداء حقوق النبي صلى الله عليه وسلم لما قدمه لهذا الدين من محبته عليه الصلاة والسلام والتأسي به والوفاء لصحابته رضي الله عنهم بمحبتهم والترضي عنهم والذود عنهم . وأكد إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبته أن الإخلاص لله في كل عمل شرط لقبوله ، والله غني عزيز لا يقبل عملا لم يرد به وجهه ، قال عليه الصلاة والسلام " إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه " ، مشيرا فضيلته إلى أن من أدخل في عبادته رياء أو سمعة أو ابتغى مدح الناس له لم تقبل منه عبادته ولن يكون له منها سوى التعب والنصب ، قال الله عز وجل في الحديث القدسي (( أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من أشرك معي فيه غيري تركته وشركه )) ، ومن أخلص لله تقبل الله عمله وضاعف أجره ، ومن اقتفى أثر النبي صلى الله عليه وسلم في حجه حري به التأسي به في شأنه كله وذلك سبيل الظفر والفلاح. وأشار الشيخ القاسم إلى أن النعم تدوم وتزيد بالشكر ومن أدى عبادة وحمد الله عليها يسر الله له عبادة بعدها لينال ثوابها ، قال سبحانه (( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم )) ، ولذا شرع قول الحمد لله ثلاثا وثلاثين مرة دبر كل صلاة مفروضة لشكر الله على أداء تلك الفريضة ، وأمارة قبول العمل الصالح الحسنة بعدها ، والمسلم إذا فرغ من عبادة أعقبها بعبادة أخرى ، ولا تنقطع عبادة المسلم إلا بالموت كما قال سبحانه (( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )). وذكر إمام وخطيب المسجد النبوي أنه إذا عمل المسلم عملا صالحا وجب عليه حفظه بالحذر من الوقوع بالشرك إذ هو يحبط الحسنات ، قال جل وعلا (( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لإن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين )) ، مضيفا فضيلته أن سؤال الله قبول العمل الصالح من صدق الإيمان ، والثبات على الدين من عزائم الأمور ، ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم " ثبت قلوبنا على دينك " ، ومن لبى في حجه بالتوحيد وكبره في العيد وجب عليه الوفاء بوعده مع الله وذلك بألا يدعو سواه ولا يلجأ إلى غيره ولا يطوف بغير الكعبة ، قال سبحانه (( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير )) ، ومن توجه إلى الله أعانه . وبين الشيخ القاسم أنه ليس من شرط صحة الحج زيارة المدينةالمنورة بل قصد مسجدها سنة رغب فيها النبي صلى الله عليه وسلم للحاج وغيره بالصلاة فيه فهو أحد المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها ، وصلاة فيه عن ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ، ومن وصل إلى المدينة شرع له السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، كما شرع له زيارة مسجد قباء ويشرع له زيارة مقبرة البقيع وشهداء أحد للدعاء لهم وللعظة والعبرة بتذكر الآخرة ، مشددا فضيلته في هذا السياق على أن الميت لا يملك لأحد نفعا ولا ضرا ولا يتعلق به وإنما يدعى له بالمغفرة والرضوان ومن يدعى له لا يدعى مع الله سبحانه وتعالى . وفي نهاية خطبته أشار الشيخ القاسم إلى أن الموفق هو من اجتهد في طاعة ربه وسار على هدي نبيه صلى الله عليه وسلم وحاسب نفسه في حياته وسارع إلى الخيرات وفاز بالباقيات الصالحات.