أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة فضيلة الشيخ صالح آل طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس: إن المتأمل اليوم يرى تسارعا في انهيارات متعددة في المال والاقتصاد والحكم والسياسة والأفكار والمناهج ويرى حيرة كبرى لأرباب المال ودهاقنة السياسات ثم يلتفت فيرى بناء الإسلام ثابتا مستقرا، أصله ثابت وفرعه في السماء، حين تتأمل مبادئ الإسلام في كل جوانبه ترى قيماً راسخة البنيان عصية على الذوبان في العقيدة والفكر والعبادة والتشريع والأخلاق والسلوك صالحة لكل زمان ومكان وهو تأمل يجب على المسلم أن يتذكر فيه فضل الله عليه ويستشعر قيمة دينه وإنعام الله به عليه. وأضاف فضيلته يقول: لم ينعم الله عليك نعمة هي أوفى ولا آمن ولا أسبغ من كونك مسلما لله مع المسلمين لا تسجد لشجر أو حجر ولا تذل لحيوان أو جماد أو بشر ولا تعبد غير الله فاهنأ بإسلامك وانعم بإيمانك فقد هداك الله يوم ضل غيرك وأرشدك حين تاه سواك وأعد التأمل والمراجعة مستمسكا بأساس دينك وقاعدة إيمانك عارفا فضل إسلامك وعاقبة توحيدك مستبشرا بقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه (ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله عن النار) ولهذا التوحيد معالم رسمها النبي صلى الله عليه وسلم وأوضح أعلامها ولهذه البشرى شواهد بينها وأرسى أركانها حري بالمسلم أن يستمسك بها وأن يحذر التفريط حتى لا يحبط عمله أو يظل سعيه فكم من تائه وهو لا يدري وكم من ضال يظن أنه مهتدئ. وأشار فضيلته إلى أن مما أفسد الدين وحرف التدين الغلو والتنطع والمبالغة بغير علم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) ومن الغلو، الغلو في تعظيم الأولياء والصالحين أو تعظيم آثارهم وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال (لا تطروني كما أطرت النصارى بن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله). وأفاد فضيلته أنه في كل ختام على المسلم أن يستحضر أن معيار القبول هو إخلاص العمل لله ومتابعته رسول الله وفضل الله واسع وأن من علامة قبول الحسنة الحسنة بعدها وعلامة الحج المبرور أن تعود خيرا مما كنت ومن طهرت صحيفة عمله بالغفران فليحذر العودة إلى دنس الآثام فالنكثة أشد من الجرح وليكن من الخير في ازدياد فإن ذلك من علامة القبول. ** وفي المدينةالمنورة حث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن القاسم المسلمين على تقوى الله عز وجل حق التقوى والاستمساك من الإسلام بالعروة الوثقى. وقال فضيلته: إن الله تفضل على خلقه بتنوع العبادات منها ما هو باطن في القلب ومنها ما هو ظاهر على الجوارح وأركان الإسلام والإيمان مدارها على ذلك، وقد عاد الحجيج من بيت الله الحرام بعد أداء أطول عبادة بدنيه وفي الحج تظهر آيات للخلق على صدق الرسل فإبراهيم عليه السلام يدعو ربه (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) فوفد الحجيج من كل فج عميق وأدوا حجهم وفي كل عام يظهر أثر دعوة الخليل فيستجيب المسلمون لدعوته والوفاء من شيم الرجال، ونبينا صلى الله عليه وسلم صبر على الأذى والكروب لتنعم أمته بالهداية، قال لعائشة رضي الله عنها (يا عائشة لقد لقيت من قومك ما لقيت) والصحابة رضي الله عنهم هجروا الأوطان وتغربوا في البلدان لحمل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وتبليغها بعزم وأمانة ونشر الإسلام في الآفاق بالدعوة والقدوة، وواجب على المسلم أداء حقوق النبي صلى الله عليه وسلم لما قدمه لهذا الدين بمحبته عليه الصلاة والسلام والتأسي به ونشر دعوته والوفاء لصحابته رضي الله عنهم بمحبتهم والترضي عنهم والذب عنهم. وبين فضيلة الشيخ القاسم أن من أدى فريضة الحج أو غيرها واجب عليه الحفاظ عليها من الرياء بها أو المباهاة أو المفاخرة ومن ادخل في عبادته رياء أو سمعة أو ابتغى مدح الناس له لم تقبل منه عبادته ولن يكون له منها سوى التعب والنصب قال عليه الصلاة والسلام (إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغى به وجهه) ومن أخلص لله تقبل الله عمله وضاعف أجره قال سبحانه (والله يضاعف لمن يشاء). وأوضح أن إمارة قبول العمل الصالح الحسنة بعده والمسلم إذا فرغ من عبادة أعقبها بعبادة أخرى قال سبحانه (فإذا فرغت فانصب) وقال: ليس من شرط صحة الحج زيارة المدينة النبوية بل قصد مسجدها سنة رغب فيها النبي صلى الله عليه وسلم للحاج وغيره بالصلاة فيه فهو أحد المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها، وصلاة فيه عن ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، ومن وصل إلى المدينة وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فمن المشروع له زيارة مسجد قباء وتشرع له زيارة مقبرة البقيع وشهداء أحد للدعاء لهم وللعظة والعبرة بتذكر الآخرة، والميت لا يملك لأحد نفعا ولا ضرا ولا يتعلق به وإنما يدعى له بالمغفرة والرضوان ومن يدعى له لا يدعى مع الله. وبين فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي في ختام خطبته أن الموفق من اجتهد في طاعة ربه وحفظ عمله من البطلان وسار على هدي نبيه صلى الله عليه وسلم وحاسب نفسه في حياته وسارع إلى الخيرات وفاز بالباقيات الصالحات.