يقوم التجار بحلب رواتب الموظفين وبمباركة من جهات حكومية، فكلما جاءت مكرمة ملكية لزيادة الرواتب سبقتها موجة زيادة في الأسعار هنا وهناك، مما يدخل راتب الموظف لخط أنتاج معقد فقبل إن يتم إيداع الراتب في حسابه يتم فلترته من قبل جهة عمله كمرحلة أولى فيتم خصم ما يمكن خصمه تم تتم المرحلة الثانية من قبل البنك المحول إليه الراتب، بعد ذلك يدخل الراتب في مرحلة البسترة، إيجار سكن وقسط سيارة، بعد ذلك تأتي مرحلة التصفية قبل النهائية، قسط مدارس الأبناء وديون البقالة الشهرية، وبما انه أول أيام الراتب الموعود شهرياً فلابد على الموظف إدخال الفرحة في نفوس الأسرة وهو عائد للمنزل فيعود للمنزل محملاً بأكياس الخضرة (طماطم، بطاطس، فجل، بيتنجان، كوسا، بصل ناشف، خيار و حزمة جرجير)، و عينات الفاكهة (سبع تفاحات و خمسة برتقال، وقليل من العنب، وكم حبة دجاج، وكيس أرز) ووجبة كبسة، يواري بها سوءة راتبه. يدخل البيت باستقبال حافل ابتسامة عريضة من أم العيال، و صرخات أطفاله محمد واحمد وروان الذين اصطفوا لاستقبال الحامل و المحمول، لتبدأ أم محمد بإعداد سفرة كبسة العشاء اللذيذة استعداداً لسهرة رائعة تنتهي بمتابعة فيلم رومانسي على قناة روتانا سينما، لتبدأ بعد ذلك أيام الشهر العجاف، و متابعة أفلام الأكشن على قناة الجزيرة والعربية، حيث يمضى أبو محمد تلك الأيام و لياليها بين مطرقة الفقر و سندانة طلبات أم العيال و الأولاد تارة، و بين رعد جرس البيت، أما صاحب دين منسي أو موزع فاتورة كهرباء أو هاتف، حتى يأتي موعد الراتب التالي، وتتكرر القصة دون نهاية سعيدة. المهندس/عبدالله عمر العمودي عضو الهئية السعودية للمهندسين