الحج تهذيب للنفس الحج الركن الخامس من أركان الأسلام، وهو الركن المتمم لاركان الأسلام، وهو الركن الوحيد يسقط لمن لم يستطيع تاديته، فعندما ينوي المسلم الحج تكون نيته الانتقال من حال إلى حال، حال التهذيب والصلاح والهداية، وهذا هو المقصد من جميع العبادات الدينية التي جاء ذكرها في القرآن والسنة نجد المقصد منها تهذيب سلوك المسلم وتزكية أخلاقه، فالصلاة في مقدمة تلك العبادات قال الله تعالي "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" فالذي لا تنهيه صلاته عن الرذائل من القول والعمل، فإن صلاته لم تُحقق مقصداً من أهم مقاصدها، فالغاية والمقصد من الصلاة هو تهذيب النفس واصلاحيها، كذلك الصيام فهو فريضة الغرض منها تهذيب النفس البشرية المسلمة، فليس الغرض من الصيام مجرد امتناع مؤقت عن الأكل والشرب فحسب ولكن الغرض منه تربية وتدريب النفس على الحرمان من الشهوات المحظورة والنزوات المنكرة من اللغو والرفث وقول الزور، الزكاة ايضاً هي ليست ضريبة تؤخذ من الاغنياء لتسد حاجة الفقراء، بل هي تربية عظيمة على حب العطاء والخير والتكافل الاجتماعي وغرس الأخلاق الحميدة في النفس ونزع الأخلاق الرذيلة وتزكيتها، والحج شأنه شأن أركان الأسلام فهو ليس رحلة مجردة من المعاني الأخلاقية بل هو رحلة تربوية عظيمة لتجنب العادات الذميمة من رفث وفسوق وجدال قال تعالى "الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ..". رسولنا محمد صلوات الله عليه وسلم جاء بدين الله الحق الذي اخرج الامة من مراتع هبل واللات والعزي ومناة الثالثة الأخرى، إلى طريق الحق والصلاح والاستقامة فقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم قوله "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" فليست الأخلاق هنا هي المقصودة انما مكارمها أي أعلى درجاتها وأرقى منازلها، وهذا ما ترمي لها عباداتنا التي فرضها الله تعالي علينا فالصلاة والصيام والزكاة والحج لبيت الله الحرم جميعها تحثنا على تزكية النفس وتهديبها لنصل إلى مكارم الأخلاق قولاً وعملاً. والله سبحانه وتعالى خلق الإنسان مركباً من ثلاثة مكونات هي "العقل والبدن والروح" فالروح هي أشرف هذه المكونات والتي هي نفخة غيبية من عند الله قال تعالي "ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً"، وجاءت عناصر الدين لتخدم هذه المكونات فالاسلام جاء لمصلحة البدن والإيمان لمصلحة العقل والإحسان لمصلحة الروح، فكان التكامل والتوازن متى ما كان هناك اخلاص مستقيم واعتدال مضبوط، فالعناية بهذه المكونات والعناصر تضمن للأنسان حياة متزنة هادئة يعمها الإيمان وحب الخير، وبلا شك فأن أشد وأهم خطوات تزكية النفس هو جانب الإحسان الذي لا يكمل إيمان المسلم إلا به. تزكية النفس لها مكانة عظيمة ولهذا فقد اقسم الله تعالي بها في كتابه الكريم فقال الله تعالي "والشمس وضحاها، والقمر إذا تلاها، والنهار إذا جلاها، والليل إذا يغشاها، والسماء وما بناها، والأرض وما طحاها، ونفس وما سواها" وقال تعالي " قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها" لذا فان تزكية النفس أمر هام يجب على المسلم العمل على تحقيقه لنفسه حتى يصل لمكارم الأخلاق التي جاء رسولنا الكريم لأتممها، ولن يتحقق له ذلك الا بصلاة خالصه لله وصيام عما نهى الله عنه وزكاة يبتغي منها وجه الله وحج مبرور يطلب من الله أن يعيده كما ولدته امه ليعمل كما أمره الله ورسوله ليصل إلى درجة الأحسان. المهندس/عبدالله عمر العمودي