شكرا لوطنيتك يا سماحة المفتي! حينما يتم طرح فكرة تجديد الخطاب الإسلامي، فإن هدف الطرح ليس إخراج الروح الإسلامية من مضمون الخطاب، وإنما إعادة فهم الواقع بشكل أفضل، عبر إدراك الأهداف، وتحديد الولاءات، وفهم الأولويات. ولعل سماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ ضرب مثلاً حيّا لتجديد الخطاب الإسلامي. فهو مباشرةً اعتبر ما يقوم به الجيش السعودي على الحدود من صميم الجهاد. بينما ينام الحزبيون على فرشهم الوثيرة وكأن أرض الوطن لم يتم تهديدها من متسللين ينتمون إلى أحزاب معروفة. يطرح المفتي أيضاً درساً آخر، فقد نسب عنه انه عندما سئل في مجلسه عن القنوت للجنود المرابطين على الحدود. اجاب بالايجاب والتأييد وكنت قد طالبت بالقنوت للجنود قبل أكثر من أسبوع. تمنيت أن هذا الأمر جاء من الجهة المختصة وأعني بها وزارة الشؤون الإسلامية، المسؤولة الرئيسية عن المساجد والجوامع، لكن ها هو الأمر بالقنوت للمتضررين والنازحين قد شفى غليل الكثيرين من المتحمسين لأن يكون الوطن أولوية في خطابنا الإسلامي. وألا نقدم أوطان غيرنا على وطننا، فوطننا هو أساسيّ من ناحية إسلامية إذ يضم الحرمين الشريفين، وله قيمة تاريخية في وجدان كل مسلم. بمعنى أننا لسنا بحاجة إلى إثبات ضرورة تحويل الوطن ليكون على رأس أولويات الإسلاميين الذين يشتغلون داخل دائرة الخطاب الإسلامي، عبر الفتيا أو الوعظ والإرشاد والشرح للنصوص الدينية. قلتُ: كم سعدت أن أرى ما طالبتُ به قد تحقق، أصبح الوطن حاضراً في مساجدنا بعد طول غياب ولو كان حضوراً عبر القنوت. لكن ما يحزّ في النفس أن الأصوات المحسوبة انتماءً على أحزاب إسلامية في الخارج لم تنطق بعد. في الوقت الذي يستنكر فيه الإخوان المسلمون في البحرين وسوريا ما قام به الحوثيون في الجنوب. لا تزال الكثير من الأصوات الإسلامية في السعودية غائبة. لم تطرح براءاتها الضرورية وولاءاتها الضرورية أيضاً في مثل هذه الأحداث. يا ليتهم يستفيدون من المفتي حينما وضع الوطن أولوية، ووقف في مواجهة الردود على رموز دينية إيرانية دفاعاً عن الوطن. فشكراً سماحة المفتي. تركي الدخيل