لماذا سلوكنا المتمركز حول الذات ..؟ بياجيه عالم النفس الشهير يؤكد ان الطفل في عمره المبكر تسيطر على سلوكه \"مركزية الذات\" وانها الرابط الذي يوحد كل الصفات الخاصة بمنطقه وتفكيره.. وبموجب هذه الخاصية فانه يرى ان هناك ترابط بين جميع الصفات التي بحث فيها ووجدها, مثل الذكاء الواقعي, التوافقية وصعوبة فهم العلاقة بين الاشياء, ويصف \"مركزية الذات\" بانها تشغل موضع متوسط , وراثيا وبنائيا وعمليا بين التفكير التوحدي والتفكير المباشر.. التفكير التوحدي او التفكير الغير مباشر كما يتصور بياجيه مصدره اللاوعي, اى ان الاهداف التي يبحث في تحقيقها ليست في نطاق ادراكه الواعي ولا مبنية على حقائق خارجية لكنها تخلق لنفسها حقائق خيالية واحلام, هذه في مرحلة الطفولة التي قد تستمر في حال تنشئة اجتماعية خاطئة, ولذلك كما نلاحظ وكما يؤكد بياجيه ان الشخص ذو التفكير التوحدي غالبا ما يحاول تجنب سبر اغوار الحقائق او تأسيس فكره حولها وذلك لانه يحاول ان يعيش في عالمه الخيالي \"الوهمي\" ويبقى بشكل صارم شخصية غير متواصلة مع الاخرين بلغة كلامية لانه يعمل بشكل رئيسي بناء على الصور الموجودة في ذاكرته ولذلك ولكي يتواصل من خلالها يجب ان يلجأ الي طرق ملتوية يثيرها ويثريها بالتخيلات والرموز التي تقوده اليها مشاعره, ولان هذه مجرد تخيلات وبالتالي يصعب عليه اثباتها عمليا او دعمها علميا فانه غالبا ما يلجأ الى القصص الخرافية وفي مراحل معينة \"متطورة\" يلجأ الى التوافقية حيث يشير بياجيه الى ان الميكانيكية التفكيرية التوافيقية تمثل نقلة اوتحول من منطق الاحلام الى منطق الفكر.. .بينما الاشخاص الذين تقل لديهم السلوكيات المتمركزة حول الذات حسب بياجيه يكون الوعي او الادراك مصدر تفكيرهم, فتكون الاهداف المراد تحقيقها حاضرة في ذهن الفرد, ويتميز أي التفكير المباشر بالذكاء لانه يبنى وفق الحقائق ويكافح من اجل دعمها, وهو عرضة للخطأ والصواب ويمكن توصيله بسهولة عبر اللغة.. بياجيه يعتقد ان تطور تفكير الطفل مبني على المسلمة المأخوذة من نظريات التحليل النفسي والتي تشير الى ان تفكير الطفل يكون توحدي بشكل طبيعي وفطري وانه يتحول الى تفكير حقيقي فقط اذا ما كانت هناك ضغوط اجتماعية صارمة وطويلة الامد وهذه لا تقلل من اهمية ذكاء الطفل وانه عامل مساعد في تسريع تطور تفكيره.. الخلاصة ان بياجيه يتحدث عن منطق الطفولة المتمركز حول الذات وكيف ان التنشئة والضغوط الاجتماعية هي التي تحيد حدة هذه السلوكيات \"الانانية\" أي ان هذه السلوكيات \"المتمركزة حول الذات\" قد تستمر مع الطفل وتصبح جزء من تركيبته النفسية والتفكيرية في حال وجود الطفل في محيط اسري او اجتماعي لايمارس دورا مؤثرا في تحييد هذه الخصائص السلوكية وبشكل علمي (وهنا نعني ان تعود طفلك منذو الصغر على اهمية ان يشارك الاخرين العابه وان تعزز لديه مقدرة البذل و العطاء) والحقيقة ان تحييد السلوك المتمركز حول الذات امرا في غاية الاهمية وذلك لان الفرد الاناني قطعا سيواجه صعوبة قي التأقلم والتعامل مع الاخرين وهذا سيقوده حتما الى الفشل اذ ان النجاح يتطلب خصائص ليس من بينها السلوك الاناني..فهل نعزز في ابناؤنا قيمنا وخلائقنا الاسلامية النبيلة التي تدعم البذل والعطاء والحب والتسامح مع الاخر كي ينموا بتكوينات سلوكية سوية تستطيع ان تتوج مسيرة حياتها المستقبلية بالنجاح والتفوق ..؟ د. سالم موسى جامعة الملك خالد كلية اللغات والترجمة [email protected]