بلا أسهم بلا بطيخ ..!! عرض علي أحد الأصدقاء (مؤخراً) الدخول في سوق الأسهم .. أجبته (إستهبالاً) هلى تعني سوق الخضار ؟ .. حسناً إنها فكرة جيدة .. نتاجر في البطيخ (الحبحب) .. ونظراً لعبقريتي الفذة ، فقد إخترعت فكرة جديدة في تجارة البطيخ ،،، وهي أن نشتري البطيخ كاملاً (أخضر) ، ونبيعه مقطعاً (أحمر) .. ! أجابني صديقي : على مهلك يا لحبيب .. أنا أعني سوق الأسهم البورصة ، نشتري ونبيع أسهم الشركات ، وليس قطع البطيخ !! قلت له: صدقني كله بطيخ .. فحتى لو كان التشبيه غير دقيق .. إلا أننا في النهاية سوف نشتري السهم أخضراً (ربحاناً) ونبيعه أحمراً (خسراناً) ، فكل من شارك في هذا السوق من الغلابة (أمثالي) لم يفرق بين هذا وذاك .. ! >> إن خسارة أكثر من 4 ملايين إنسان (بريء) في ذلك السوق طيب الذكر دخلوه بكامل قواهم العقلية وبكل أموالهم ، وخرجوا منه بنصف قواهم العقلية وبدون أي أموال )رباه كما خلقتني) .. تستحق أن نعيد الحديث عنه .. فقد تحدث خبراء الإقتصاد وأفاضوا في تحليل الأسباب التي ضيعت أموالنا في ذلك السوق ، وكلها صحيحة ، ولكن أحب أن أوجز وجهة نظري المتواضعة هنا في سببين هما ( الغش و الغشمشم ) ،، >> الأول (الغش) الذي وقع علينا من البنوك التي أعطتنا مفاتيح الدخول إلى ذلك السوق ، ولم تعلمنا كيف نستخدم المفتاح ، ولم تنبهنا إلى أخطاره .. بل وساعدتنا بمنحنا القروض والتسهيلات لنزداد غرقاً فوق غرقنا .. مثل الذي رأى من يجهل السباحة متجهاً إلى (اليم) .. فأعطاه (مايوهاً) جميلاً وطوق نجاة مصنوع من حديد !! فكان همُّ البنوك وقتها حصولهم على العمولات وتحقيق طموح (المناشير) طالعين واكلين ونازلين واكلين ، وكانت محافظنا (الخشبية) تأنّ تحت وطأة تلك المناشير .. السنا مواطنين صالحين .. واليست تلك البنوك جزءاً مهماً من وطننا وهي الأدوات التي يعتمد عليها ولاة الأمر في دعم نعيم ورفاهية المواطن ؟ ومن أبسط حقوقنا عليهم تطبيق قانونKYC (Know Your Customer) (إعرف عميلك) الذي تفرضه الهيئات المالية ، والذي يشمل أمور هامة أحدها التعرف على قدرة العميل وإدراكه لنوع الإستثمار الذي هو مقدم عليه وتوجيهه لما يناسبه .. لقد تناسوا كل ذلك وسعوا خلف مصالحهم .. إنني ألتمس لهم العذر .. فقد حققوا المليارات (فقط) ، في حين أننا حققنا الكثير .. خسارة ، إفلاس ، ديون ، أمراض ، جنون ...... . >> السبب الثاني (الغشمشم) فالمستثمرون الجدد في سوق الأسهم لا يعرفون من هذه التجارة غير إسمها !! فهل يستطيع النجار عمل تحليل بول (أكرمكم الله) لمريض ؟ وهل سينجح الطبيب في رسم تصميم هندسي لناطحة سحاب ؟ إنها ليست دعوة لقتل الطموح وإبقاء العقول معلبة دون محاولة التعلم والتجربة .. ولكن كل مهنة قبل الدخول فيها تتطلب دراستها وتعلم أصولها .. أما نحن المساهمون الخبراء .. فقد إتخذنا (سياسة القطيع) منهاجاً لنا في دخولنا السوق بعد أن سمعنا أبواق التشجيع والترغيب من قادة (الغشمشم) أمثالنا ، ولا أدري إلى متى نظل نتبع تلك السياسة (الغبية) ؟ فمنذ عقدين من الزمان هتف المطبلون .. هيا يالربع .. سوق العقار يعطي أرباحاً خيالية ، وتهافت الجميع (قطيعاً) (من يعلم ومن لا يعلم) لهثاً وراء السراب في المساهمات العقارية المشبوهة .. حتى طار هوامير العقار بنقودنا وعقولنا ، وأصاب سوق العقار ما أصابه من ركود وإفلاس.. وقبل عامين أعاد المطبلون هتافهم .. لا يفوتكم (تدبيل) رؤوس أموالكم في سوق الأسهم .. فإنطلقنا جميعاً لاهثين خلف تلك الأحلام الغير منطقية ، والتي عززها وزينها لنا البنوك بدلاً من تحذيرنا منها ! ولا أدري غداً ماهي الفكرة الجديدة التي سوف تتفتق عنها أذهان المطبلين ، وما هو نوع الهوامير هذه المرة ؟ إن هذا يذكرني بنكتة قديمة ، أن رجلا توقف في الطريق ليربط حذائه (أعزكم الله) ، فأتى آخر وقف ورائه ، وأتى آخر وآخر وهكذا حتى تكون (صفاً) طويلاً من الواقفين ... ورأى شخص ذلك ، فسأل آخر رجل في (الطابور) : لمذا تقف هنا ؟ فأجابه: لقد رأيت الناس واقفين فوقفت خلفهم !! وسأل الذي أمامه فأجاب نفس الإجابة ، وهكذا حتى وصل إلى أول واقف (صاحب الحذاء) وسأله ، فأجاب : بعد أن وصلني الدور تريدني أن أمشي !!! إنها سياسة القطيع ،، سألت إبن عمي البدوي ذات مرة .. كيف تستطيع أن تحرك قطيعاً من الأغنام بأقل مجهود ؟ فأجاب : أسحب أي (تيس) منهم .. فتهرول باقي الأغنام خلفه دون هدف ودون علم ودون دراسة !! صحيح لا تحتاج الأغنام إلى (دراسة) ، لكننا نحن بني الإنسان كرَّمنا الله عن باقي مخلوقاته ، ووهبنا العقل لنفكر وندرس كل خطوة قبل أن نخطيها ، لأننا محاسبون على نتيجة أي عمل نعمله. >> رجعت لصديقي وطلبت منه عدم إتباع (التيس) والقطيع ، وإقترحت عليه البحث عن فكرة تجارية مبتكرة ندرسها جيداً ونتعلم أصولها قبل الدخول فيها... و بلا أسهم بلا بطيخ !! وفقكم الله جميعاً،، سمير البحيصي كاتب إجتماعي إقتصادي