وقف مواطنٌ أمام عربة فاكهاني فيها بطّيخ، فاشتهى واحدة، وسأل عن سعرها، فوجدها غالية، وسأل عن أخرى، فوجدها كسابقتها، وهكذا كلّها!. عندها قال له الفاكهاني، لقد أشفقْتُ عليك أيُّها المواطن، ولهذا سأبيعك نصف بطّيخة بسعرٍ أقل، ثمّ قطّع واحدة إلى نصفيْن وزيّنهما بديكورٍ جميل، وقال له: هيْتَ لك، ففرح المواطن واشترى نِصْفًا، وما علم أنه شرب مقلبًاً مُعتبرًا، لأنّ الفاكهاني الانتهازي يربح من بيع النصفيْن مُنفرديْن أكثر ممّا يربح من بيع البطّيخة الكاملة، إذ لو كان رأسمال البطّيخة 10 ريالات، وباعها ب 20 ريالاً، لَرَبِحَ 10 ريالات، ولو باع النصف الواحد برأسماله البالغ 5 ريالات ب 17 ريالاً -مثلاً- لَرَبِحَ 12 ريالاً صافيًا.. و(شُفْتوا) الفرق (يَخْوَنّا)؟!. بالمناسبة، هذه ليست حكاية خيالية، بل واقعية، وتحصل بالمئات يوميًّا في سوق العقار، فالبطّيخة هي الأرض الواحدة التي يقسمها تُجّار العقار المُتذاكِين إلى نصفيْن، ويبنون على كلّ نصف.. فيلاّ دوبلكس، فتقلّ عليهم تكلفة الأرض بنسبة 50% لكلّ فيلاّ، وكذلك تقلّ تكلفة البناء نفسه، ويزيّنونهما بديكور جميل، ثمّ يبيعونهما بشفقةٍ على المُشترِين شبيهةً بشفقة الفاكهاني، وبسعرٍ غالٍ للمتر المربّع قد يتجاوز 4000 ريال، ويربحون أكثر ممّا يربحون فيما لو كان البناء على الأرض الكاملة، والضحية هو المواطن الذي يظنّ أنه محظوظ فيقترض من كلّ مكان ليشتري نصف فيلاّ، ولا يجد مَن يُنبّهه لهذه المقالب، ويحميه منها، خصوصًا الجهات التي أقرّت نظام الدوبلكس دون أن تُنظّمه بما لا يُستغفل معه المواطن، فاتقوا الله يا ناس، واحذروا عقاب الجبّار يوم لا ينفع مالٌ ولا عقار!. [email protected]