تعطلت لغة الكلام ، وتعثرت الحنجرة ، وقبل أن تخرج الكلمة المتحشرجة الشاكية هول الصدمة في القمع والتنكيل والتصفية والوحشية بقتل المئات من المحتجين في ليبيا ، ذُُرفت تحت قبة الأممالمتحدة دمعة حرَّى من مندوب ليبيا في الأممالمتحدة ، الدمعة زلزلت (القبة) عاطفياً ، وحركت في احساسها الإنسانية رغم أن السياسة لا تعرف العاطفة .. ولكن أن يصل القتل ضد العزل من الشعب حد التجاوز ، والخطوط الحمراء ، من أجل التشبث بالبقاء ولو على تلة جماجم الأبرياء ، فهذا لا يمكن لضمير العالم مهما كان نفعياً أن يتجاهل هذه الممارسة من الإبادة الجماعية ، وهي بالفعل أقرب إلى الجرائم ضد الإنسانية كما قالت بذلك بعض الأوساط والدوائر العالمية صانعة القرار في الأممالمتحدة. التعاطف اللامسبوق والاحتضان التضامني الذي لقيه مندوب ليبيا في الأممالمتحدة ، من قبل مناديب الدول وعلى رأسهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ، سرعت الخطى باستصدار قرارات حاسمة ضد ليبيا لثنيها عن مواصلة نزيف حمام الدم ضد الشعب الأعزل. لقد نجحت العاطفة إذاً في تحريك قلب الأممالمتحدة بعد أن ظلت مناشداتها باردة وغير فاعلة ولا مؤثرة ، قوة سلاح الدموع ، هزمت اللغة الخشبية التي كان يستخدمها النظام الليبي مع الشعب ، وبالأمس سمعنا دعوات من سيف الإسلام القذافي يقول بأن هناك حواراً بدأ مع المتظاهرين ، وثمة اغراءات بعد التهديدات ظهرت بوادرها تقدم في سبيل انهاء الاحتجاجات لكن كل ذلك بعد فوات الاوان ، النظام الليبي الآن في عزلة وتتزايد الدعوات لجبله إلى العدالة الدولية بعد حدوث فظائع المجازر في طرابلس والزاوية ، التحرك الدولي وإن بدأ متأخراً كما هي عادته ، يقترب الآن من انهاء الأزمة التي خلفت مآسي بشرية ، كما حدث للخمير الحمر ومذابح بول بوت.