لقد باتت هوجة رسائل الجوال تحاصرنا ليلاً ونهاراً وتقتحم حرياتنا الخاصة بأشكال وأنواع من الاعلانات التسويقية المقيدة والضارة، وأصبحت الشاشة الصغيرة للجوال مصدر ازعاج مستمر بتكدس الرسائل المتعددة عن كل شيء حتى ولو عن التنمية ، وأخذت شركات الاعلانات عبر الجوال تتفنن بكل فنون الاعلان لفرض رسائلها حتى ولم يرغبها صاحب الجوال. وفي اطار هذه الهوجة لرسائل الجوال دخل في مجالها أباطرة الدروس الخصوصية الجدد بارسال رسائل متعددة للاسر السعودية وفي هذه الرسالة لعب هؤلاء الأباطرة الجدد في مجال الدروس الخصوصية بعواطف ومشاعر الطلاب وأولياء أمورهم من رعب الامتحانات وأنهم - أي هؤلاء الأباطرة سينقذونهم من هذا الرعب ويفتحون للطلاب أبواب التفوق. اذن كيف يمكن تحقيق ذلك؟ فقالوا نقرأ نص رسالة أباطرة الدروس الخصوصية الجدد تقول الرسالة : « مع اقتراب موعد الامتحانات تنتاب حالة من القلق والترقب معظم الطلبة وأسرهم طيلة فترة الاختبارات مع خدمة (التنمية) ولمدة اسبوعين سنساعدكم بإذن الله على تجاوز رهبة الامتحانات وتخطى هذه المرحلة بنجاح لتحقيق التفوق في حياتكم العلمية والعملية للاشتراك ارسل 6 إلى 88012» انتهت الرسالة. بعد قرأءتي للرسالة الجوالية لاباطرة الدروس الخصوصية الجديدة إنما هي دليل واضح ودعوة لنجوم وأباطرة الدروس الخصوصية بجميع أنواعها وأساليبها بما فيهم الأباطرة الجدد للانضمام لنادي (ثقافة نحن نفكر لك) والتي استخدمت كل السياسات التسويقية الجادة للأسر السعودية للوقوع في مصيدة (ثقافة نحن نفكر لك) بل إن الاباطرة الجدد قد انتهجوا أسلوباً جديداً عن طريق الضرب على الوتر الحساس للتنمية وهو من وجهة نظري يعد خطيراً على المسيرة التعليمية وله التأثير السلبي على مسيرة التنمية. لذلك فالتنمية البشرية لا يمكن تحقيقها خلال أسبوعين كما يقول الأباطرة الجدد - وانما تقوم على محور أن التعليم هو اعداد الطالب لحياته المستقبلية واكتسابه المهارات والمعرفة تبدأ بقاعة الدروس بالمدرسة والجامعة، لأن الأداء التعليمي الجيد بالمدارس والجامعات والتنمية البشرية صنوان متلازمان ومرتبطان تماما، وأية جهود تستهدف تنمية الشباب (البشر) لابد أن تبدأ من قاعة الدروس بدءاً من أولى المراحل على أن تمتد إلى الحياة العملية بعد التخرج. إن الحديث عن هذه الرسالة التي تستخدم التنمية كوسيلة لجذب الطلاب بحجة أن هذا الأسلوب يحقق لهم التفوق في حياتهم العلمية والعملية ، إنما هو لأبشع أنواع الاستغلال من جانب الأباطرة الجدد ، اخترق بها خط الدفاع الأول للمملكة ، وبثوا وباء مرضياً ألا وهو الدروس الخصوصية ومراكزها وصولاً إلى التعليم التنموي. كلام لا تنقصه الصراحة بأن اقتباس مفهوم (التنمية) إنما يعتبر أسلوباً جهنمياً بشعاً لممارسة نشاطهم في زعزعة اركان النظام التعليمي ، بل وأيضاً تطوره وتحديثه ، حيث أصبحت تجرى سراً وفي الخفاء لتصبح سوقاً علنية تعلن عن نفسها عبر الفضائيات ورسائل الجوال وعن طريق مراكز الدروس الخصوصية الموزعة في مدننا، وهي تعنى جميعها التسويق للدروس الخصوصية التى تقضي على التفكير لدى الطالب واحلال الحفظ والتذكر محلها ..وهذا الأسلوب مانع لتحقيق التنمية المرجوة في نفوس الطلاب. لذلك يرى أساتذة التنمية البشرية وخبراء الأممالمتحدة أن تنمية البشر قبل الحجر ..أي قبل مصالح أباطرة الدروس الخصوصية ، لأن تنمية البشر يتوقف عليها الكثير فهي (المخ) الذي يرتكز على تحقيق التعليم المانع للدروس الخصوصية حتى ولو كان في وكر مركز التعليم الترفيهي وفي مراكز الدروس الخصوصية التقليدية وعبر رسائل الجوالات . إذن فتحقيق التنمية البشرية يتحقق - كما تقول التقارير التربوية الدولية من خلال اتباع معايير الجودة التعليمية التي يجب إتباعها لتحويل العملية التعليمية من مجرد التعليم بالتلقين والحفظ إلى عملية للتعليم والتعلم الذاتي (التفكير) مما يوقف استمرار أباطرة الدروس الخصوصية في الابتكارات المتعددة من أجل التسويق لمنتجاتهم. إن رد فعلي لرسالة الجوال هو أن على أصحاب الرسالة الجوالية أن يعرفوا يقيناً أن التعليم خط الدفاع الأول للأمة لأنه من خلاله ومن تطويره وتحديثه بتقديم تعليم ذي جودة عالية سيوقف جميع محاولات قراصنة التعليم وأباطرة أو (مافيا) الدروس الخصوصية بجميع أنواعها وأشكالها لكيلا تتوقف قاطرة التعليم وبالتالي قاطرة التنمية البشرية.