إن الذاكرة تكوين رباني فريد يحتاج إلى طرق عديدة لتنميته وتقويته والاحتفاظ به. وقد سعى العلماء في مختلف نواحي المعمورة إلى إثراء هذا التكوين بأكثر من طريقة جوهرية تضمن عمله بشكل أكثر إيجابية وفعالية وذلك تأكيداً على سلامة العمليات العقلية والمعالجات الفكرية المنطقية. ويقول الخبراء بأن الذاكرة الجيدة لا يحتفظ بها الشباب فقط , فقد توصلت الدراسات الحديثة بأن القوة الذهنية لكل فرد منا يمكنها أن تحتفظ بقدرة استيعاب واحتفاظ حادة وواضحة حتى نهاية العمر. وذلك بسبب حقيقة علمية واضحة قد يتجاهلها الكثير وهي أن الفقدان الملحوظ في قدرة الذاكرة ليس قصرا على مرحلة الشيخوخة كما نعلم , ولكن الحقيقة هي أن كل ما يتطلبه الأمر لكي نحتفظ بذاكرة ممتازة هو التحفيز الذهني والتدريب المنتظم وبعض التعديلات في النظام الغذائي. وفي قراءة موجهه لكتاب ( دليلك الطبي لذاكرة أقوى ) والمعد من مجموعة من علماء النفس الأمريكيين والذي يعرض أكثر من مئة ونيف طريقة لتقوية الذاكرة. وقد صنفت تلك الطرق في خمس محاور أساسية وهي على النحو التالي : أولا : كيفية استخدام الذاكرة حتى لا تفقد , ثانيا : المهارات الخارقة للحواس ودورها في تقوية الذاكرة , ثالثا : الألعاب والتمارين الذهنية ودورها في تقوية الذاكرة , رابعا : التغذية السليمة ودورها في تقوية الذاكرة , خامسا : بعض الأساليب الذكية البديلة. وكأن الكاتب أراد أن يقول أن تلك المحاور ما هي إلا ركائز أساسية لتقوية الذاكرة بأربع طرق مختلفة باستطاعة الإنسان ممارستها والمداومة عليها , أما بالنسبة للمحور الأول فتفعيله يكمن في التروي والتركيز والإمعان أثناء عملية إدخال المعلومات , والابتعاد عن مشتتات الانتباه المقللة للتركيز , بالإضافة إلى تحمل المسؤولية أمام التحديات الكثيرة في الحياة المعاصرة. أما المحور الثاني فتفعيله يكمن في تنشيط الذاكرة بربطها مع المقطوعات الموسيقية , تدوين الملحوظات على المعلومات المراد تذكرها , استخدام الحواس أثناء القيام بالعمليات العقلية , استنشاق الروائح المحفزة المرتبطة بالموقف , الاهتمام بالأشغال الحرفية والمهنية الموصلة إلى الاستنتاج والربط بين الحقائق والطبيعة , بالإضافة إلى كسر الروتين وذلك لأنه يؤدي إلى الاعتماد على مجموعة من العمليات الذهنية المعروفة لدى الفرد مع تعطيل الكثير من الملكات العقلية الأخرى مثل التأمل والاستبطان. أما المحور الثالث فتفعيله يكمن في الربط بين ما يراد حفظه وبين السلوكيات المتكررة يوميا , استخدام الرموز اللغوية والشكلية والتصويرية ( الترميز ) , استخدام الخرائط الذهنية , استخدام الرسم التفضيلي وتوظيف الأسهم والدوائر والألوان , مناقشة المعلومات والمجادلة فيها وتجنب التعامل معها كقاعدة مسلم بها , بالإضافة إلى ضرورة استخدام مفكرة المواعيد اليومية والتي من شأنها المساعدة في التذكر للمواقف والأشخاص والأحداث. أما المحور الرابع والأخير فيكمن تفعيله من خلال تناول المواد الغذائية المحتوية على الحديد , والفيتامينات , والأحماض الأمينية , ومشتقات الألبان والبروتينات , مع المحافظة على تجنب تناول الدهون , والعمل على خفض استهلاك الكافيين المتمثل في المنبهات مثل الشاي والقهوة وغيرها. وإن قرأنا محتويات المحاور الأربعة بتمعن وتدبر نجد أنها نصائح ذهبية يمكن تطبيقها عمليا وليست بالمرهقة صحيا أو المكلفة ماديا , وإنما فائدتها تعود على الفرد في صورة دائمة ومستمرة حتى يحظى بذاكرة متألقة ونشطة مدى الحياة بإذن الله تعالى.