كشف الدكتور على بن إبراهيم الغبان نائب الرئيس للآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة والآثار، عن اكتشاف عدد من الآثار في المملكة التي تبرز الصلات التاريخية والحضارية بين الجزيرة العربية والحضارتين اليونانية والبيزنطية. وقال في محاضرة التي ألقاها خلال جلسات الندوة العالمية لعلاقات الجزيرة العربية بالعالمين اليوناني والبيزنطي (القرن الخامس ق.م إلى القرن العاشر الميلادي) أمس الأول، في فندق المداريم كراون بالرياض، والتي ينظمها قسم التاريخ بجامعة الملك سعود ومركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية بالتعاون مع سفارة اليونان بالرياض، ومعهد الدراسات الشرقية والإفريقية بأثينا، والهيئة العامة للسياحة والآثار، إن الآثار الباقية في الجزيرة العربية تأتي شاهدا حيا على حقيقة هذا الحوار الحضاري بين الجزيرة العربية والحضارتين اليونانية والبيزنطية. وتابع الدكتور الغبان: (نحن اليوم نعمل سويا مع أكثر من 16 فريق دولي في المواقع الأثرية، ويمكن أن يزور المرء مواقع مدائن صالح أول موقع سجل على قائمة التراث العالمي في منظمة اليونسكو، أو موقع الخريبة عاصمة مملكة لحيان بالعلا، أو المتحف الوطني بالرياض، أو متحف جامعة الملك سعود حيث تعرض المواد الأثرية المستخرجة من موقع الفاو عاصمة مملكة كندة الأولى، أو متحف وقلعة البحرين، أو جزيرة فيلكة بالكويت، أو جزيرة فرسان بالمملكة العربية السعودية، أو تيماء وهي تقاطع الحضارات والتجارة عبر التاريخ في المملكة العربية السعودية، ويكتشف عمق هذه الصلات الحضارية وبخاصة ما حدث منها على أرض الجزيرة العربية في العصور القديمة، ومدى تفهم سكان الجزيرة العربية وانفتاحهم على ثقافات العالمين اليوناني والروماني). وأشار إلى أن التواصل الحضاري بين العالمين اليوناني والروماني والجزيرة العربية شهد خلال ألف وخمسمائة عام علاقات بين الجانبين وأشكالا عدة من محاولات التنافس على منافع التجارة الدولية العابرة برا وبحرا بين الشرق والغرب، موضحا أن العلاقات السياسية والاقتصادية المبنية على تحقيق المصالح المشتركة لكلا الطرفين، تطورت وعبرت خلالها أيضا الأفكار والفنون والآداب والعلوم. وأوضح نائب الرئيس للآثار والمتاحف، أن هذه العلاقات استمرت بعد الإسلام حيث حظيت الثقافة اليونانية باهتمام خاص من قبل الحكام العرب المسلمين وشكلت الحضارة الإسلامية في صقلية خصوصا وجنوب إيطاليا وفي الأندلس نقطة انطلاق للحضارة الأوربية وريثة العالمين اليوناني والروماني. واستعرض نائب الرئيس للآثار والمتاحف بالهيئة، خلال جلسات الندوة، المعطيات الأثرية الجديدة حول تحقيق موقع مينائي أكراكومي ولوكي كومي ومستوطنة أمبلوني في ساحل البحر الأحمر بالمملكة العربية السعودية. وقال الدكتور الغبان إن أهم الآثار الموجودة على ساحل ميناء أكرا كومي هي كتل صخرية تمثل بقايا أرصفة متكسرة، وبقايا مباني من الحجر (أساسات حجرات أو مخازن قليلة الارتفاع عن سطح الأرض)، وكسر من الفخار النبطي وفخار الفترة الرومانية منتشرة حول هذه المباني. فيما تحدث الغبان عن أبرز الآثار الموجودة والباقية في موقع ميناء لوكي كومي في ساحل البحر الأحمر والمتمثلة في موقع أثري لمدينة كبيرة في أعلى الوادي بجوار عين الماء، وقلعة نبطية تعلو الجبل المطل على الموقع، ومجموعة مقابر نبطية ركامية، وقناة مائية تمتد من العين إلى ساحل البحر حيث مرسى الميناء، وتل أثري عند المرسى التقطت منه كسر فخارية نبطية وإسلامية، وموقع أثري آخر في جزيرة أم عصيليه القريبة من مدخل الميناء. وانطلقت أمس جلسات الندوة التي تستمر لمدة ثلاثة أيام وسط مشاركة أكثر من 60 باحثا عربيا وأجنبيا، فضلاً عن مشاركة كبار المتخصصين في تاريخ الجزيرة العربية والدراسات اليونانية وهم: عبدالرحمن الطيب الأنصاري، عبدالعزيز الهلابي، فاسيليوس خريستيذيس، كارول هيلنبارند. وشارك مع الدكتور علي الغبان في الجلسة كل من الدكتورة الدكتورة تحية شهاب الدين التي حدثت عن دراسة حول ما يسمي ليوكي كومي ونيراكومي في المصادر الكلاسيكية، والكفياديس يناليس الذي تناول الامتداد البسيط في الأرض وتأثيره على التقنيات البحرية، وحسين العيدروس الذي تحدث أثر المدرسة الإغريقية الفنية في اليمن.