نقف اليوم على مشارف العام الهجري الجديد , لتطوف بنا الأحداث ويجول بنا التأريخ لذكريات ومناسبات ولشخصيات وموضوعات كان لها تأثير كبير على حياتنا في عامنا المنصرم. نقف اليوم وكلٌ منا يحمل في جعبته ذاكرة مختلفة لسنة مضت بحلوها وبمرها , وبلطيفها وقبيحها , سنة تسجل في أعمارنا سائلين الله عز وجل أن تكون بأعمالنا لنا لا علينا بإذن الله ورحمته. نقف اليوم لنقول لأنفسنا إن ما مضى قد كان وانتهى وأنا نتأمل بأن ما سيأتي سيكون حافلا وسيضيف لنا الكثير وسننهل منه الوفير حتى نثقل ونصقل به خبراتنا ونضيف إلى معلوماتنا منه الكم المفيد والوفير. نقف اليوم ونحن على ثقة تامة بأنه مع بزوغ فجر العام الجديد يظل لنا أمل بأن ميزان العدل قائم , وأن الحقوق لابد وأن تكون لأصحابها ذات يوم , وأن الحياة كفاح فلا السهل يأتي طوعا ولا الصعب يبقى دهرا. نقف اليوم لنرقب عمل سنة مضت , سجلنا فيها من نقاط الضعف ومن نقاط القوة الكثير والكثير , ولنتعاهد من اليوم أن لا نستسلم للضعف وأن نبني سواعدنا بقوة , فالمسلم القوي أقرب وأحب إلى الله من المسلم الضعيف. نقف اليوم لنتذكر أن العلم نور والجهل ضلالة , وأنه لا سبيل لرقي الأمم وإعمار الأرض وتخليد الحضارات إلا بالعمل الصادق , والجهد المضاعف , وتوظيف الإمكانيات المادية والبشرية في مكانها الصحيح. نقف اليوم لنكرر بأن التسويف والتأجيل هو أكبر مصائبنا , فما ضاع جهد ركض خلفه طالب وما ضاع حق إلا بسبب هامل عابث , ولنتعلم من عمر بن عبدالعزيز- رضي الله عنه – حيث كان حريصًا على أداء الواجبات والأعمال وعدم تأجيلها ، وذات يوم قال لَهُ أحد أبنائه : لو أخرَّتَ عمل هذا اليوم إلى غد فاسترحت ؛ فرد قائلا : قد أجهدَنا عمل يوم واحد ، فما بالك بعمل يومين مجتمعين ؟! نقف اليوم لنؤكد على أنه بالحب تصنع المزيد , وبالصبر يلين لك الحديد , وبالعمل تصل إلى ما تريد , وبالحكمة تحل كل ما لحق بك من ضرر أو ضيق , وبالمثابرة تصل لنهاية الطريق , وبالود تتربع في القلوب , وبالمنطق والتفكير تسود على كافة العقول. نقف اليوم ونخطط لمستقبلنا بإيجابية ؛ ولعلنا ندرك ما الذي يمكن أن نفعله غدا ؛ فنحدد بوضوح خطواتنا وأهدافنا القريبة والبعيدة ؛ وتطلعاتنا وأحلامنا والسبيل إليها وإلى تحقيقها , وبذلك نتيقن عمليا بأن العشوائية هي سبيل الفشل والهلاك. نقف اليوم ونتذكر خلاصة كتاب جيني ديتزلر والذي يحمل عنوان ( أفضل سنه في عمرك الآن ) والذي يطرح عشرة أسئلة جوهرية لتجعل حياتك في الأثني عشر شهراً القادمة أفضل من سابقيها , وجاءتك تلك الأسئلة مرتبة تواليا كالتالي : ما الذي أنجزته في العام الماضي ؟ أذكر أكثر الأمور التي كانت مخيبة لآمالك ؟ ماذا تعلمت وماذا استفدت ؟ كيف تضع حدودا لنفسك ؟ كيف تنظر لنفسك الآن ؟ ما هو أحب الأدوار إليك ؟ وعلى أي دور ستركز في عامك القادم ؟ ما هي أهدافك ؟ وإن كثرت حددها في عشر نقاط وفقا لأولوياتها ؛ حدد خططاً لتحقق كل هدف من أهدافك السابقة ؛ وختاما ضع قائمة لتقويم ذاتك وخططك ومدى نجاحها وصلاحياتها. ولعل أبسط ما يجدر بنا فعلا الوقوف عليه اليوم هو عمق الأسئلة السابقة ومدى المصداقية في الإجابة عليها، ولعل أبسط ما أقوله لكم دعوات صادقة بأن يكون عامكم رضا وسعادة , تحيط به القناعة , وتسوده الإيجابية العملية البناءة , وكل عام وأنتم بألف ألف خير.